أصدر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بداية الشّهر الحالي تقريرا كشف فيه أنّ الجيش المصري بصدد إبرام صفقة أسلحة هامّة مع روسيا تشمل اقتناء الأخيرة ل24 طائرة مقاتلة ميغ-35، تعدّ الأحدث في التّرسانة الجوية الرّوسية. أشار التقرير الإسرائيلي إلى اتصالات ومفاوضات حثيثة جرت بين مصر ورسيا خلال الاشهر الأخيرة، لا سيما في نوفمبر 2013، عندما قام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرجي شوجو بزيارة القاهرة، اعقبتها زيارة المشير عبدالفتاح السيسي لموسكو في فبراير 2014 عندما كان وزيرا للدّفاع. وشملت الصفقة أنظمة دفاع جوي ام1-تور، وبانتسير اس1- ، وأنظمة صاروخية للدفاع الساحلي ياخونوت (ا س اس-ان-26) ، ومروحيات هجومية ميغ-35، وصواريخ مضادة للدبابات من الجيل الثاني (كورنيت)، وغيرها من أنظمة التسليح الحديثة. كما كشف التقرير أن تكلفة الصفقة تبلغ قيمتها حوالي 4 مليارات دولار، وأن السعودية والإمارات ستتوليان تمويلها. يُذكر أنّ ميكويان جيروفيتش ميغ-35 هي طائرة حربية حديثة وهي تطوير للميغ-29 والميغ-29 إم، وهي من تصميم وتصنيع مكتب ميكويانفي روسيا الإتحادية. تعد الميغ-35 من الجيل 4.5 في المقاتلات. تصنف الميغ-35 الآن على انها مقاتلة متوسطة الوزن وذلك لأن الوزن الأقصى عند الإقلاع الخاص بها قد زاد بنسبة 30% عن وزنها السابق مما أخرجها من تصنيف الطائرة الخفيفة. وكُشف الستار عن الميغ-35 لأول مرة عندما زار وزير الدفاع الروسي ”سيرجي إيفانوف” مصنع مابو-ميغ. أتاحت إلكترونيات الطيران المحدثة بشكل كبير، والرادار طراز ”أيسا” الجديد ونظام التحديد البصري الفريد من نوعه، كل هذا خلص الطائرة من الاعتماد على التوجيه الأرضي وجعلها مقاتلة متعددة المهام.سوقت الطائرة تحت اسم ميغ-35 (بمقعد واحد) وميج-35 D (بمقعدين للتصدير). ظهرت الطائرة لأول مرة في معرض الهند الجوي عام2007. وأشار التقرير إلى الإنزعاج الإسرائيلي من الصفقة، وحذر من أنّ تكريسها سيؤثر على الاستراتيجية في الشرق الأوسط، وأنه سيضعف نفوذ الولاياتالمتحدة في المنطقة. ما دفع إسرائيل إلى الإستنجاد بالولاياتالمتحدة للضغط على روسيا لمنع تنفيذ الصفقة، وحتى تضمن إسرائيل بقاء تفوقها العسكري في المنطقة. يذكر بأنّ المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، تقدر سنويا ب1.3 مليار دولار منذ سنة 1979، قامت خلالها مصر مبدئيا باقتناء أنظمة تسليح ومعدات عسكرية أمريكية، لتقوم بعدها بشراء أنظمة تسليح من دول أخرى بما فيها روسيا (لتجديد أنظمة دفاعها الجوي). غير أنّ العلاقات المصرية الأمريكية عرفت فتورا بعد أحداث الربيع العربي في مصر، ألغت خلالها أمريكا مشاركتها في تمرين (النجم الساطع) السنوي في أوت 2011 بسبب الوضع السياسي في مصر عقب الاطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك. واستأنفت العلاقات في سنة 2012 بتقديم الولاياتالمتحدة كامل قيمة المساعدات السنوية لمصر، لكن الوضع السياسي تغير بعد خلع الرئيس الذي أطيح به في جويلية 2013، ومع ذلك زودت أمريكا مصر ب 4 مقاتلات اف-16) من أصل اتفاق وقع في عام 2010 شمل 40 مقاتلة). وأعلنت واشنطن في أكتوبر 2013 تأجيل شحن 4 مقاتلات أخرى، واعادة النظر في المساعدات الدفاعية لمصر، بموجب قانون يحظر تصدير الأسلحة إلى أنظمة حكم جاءت عن طريق إنقلابات عسكرية، وأوقفت واشنطن في أعقاب ذلك إرسال مقاتلات اف-16 ومروحيات أباتشي وأنظمة دفاع جوي ودبابات التي أُبرمت عقود بشأنها، لكنها سمحت في أفريل 2014 بإرسال 10 مروحيات أباتشي، وذلك عقب تسليم أربعة صواريخ بحرية (أمباسادور) في نوفمبر 2013. وخلص التقرير إلى أنّه لو تجسدت هذه الصفقة بين القاهرة وموسكو فإنها ستغير الميزان الإستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط. كما أنها ستقلص من نفوذ واشنطن في المنطقة كما ستفتح المجال واسعا أمام روسيا لتجسيد إستراتيجيتها ضد الغرب. واستبعد التقرير أن تؤثر الصفقة على إسرائيل، لكنه حذر من استمالة روسيا مصر إلى صفها. كما أشار إلى أنه ما زال أمام واشنطن متسع من الوقت لمنع تجسيد الصفقة لأن واشنطن تتوفر على العديد من وسائل الضغط على مصر لردعها عن تجسيد الصفقة. ويوعز مراقبون ومحللون عسكريون أن صعوبة حصول مصر على الاسلحة من واشنطن دفع بها إلى طرق باب روسيا لتلبية احتياجاتها الدفاعية، والإفلات بالتالي من الضغوط التي تمارسها واشنطن على الحكومة المصرية مقابل كل صفقة إضافة إلى عدم رضى القيادة المصرية عن سياسة واشنطن في منطقة الشرق الأوسط.