صدرت، مؤخرا، عن منشورات الإختلاف الجزائرية وضفاف ببيروت، رواية جديدة للكاتبة السورية لينا هوايان الحسن وسمتها ب”نازك خانم”، تصور فيها عدّة مواضيع مهمة كالدين تحرر المرأة والذات وعلاقة الحب. تجري أطوار رواية ”نازك خانم”، بين دمشق الألم وباريس الأمل والحُلم في عالمٍ مفارق لتلك العوالم الأثيرة التي اشتغلت عليها من قبل، وإن كانت تتخذُ مِن منتصف الخمسينات والستينات في القرن المنصرم، إطارًا زَمنيًا حيث عاشت شخصيتها، أجواء سياسية وثقافية قد تتماثل في جانب مِن جوانبها مع سياق عصرنا الرّاهن، ببروز الاحتجاجات العُماليَّة والمظاهرات الطلابية التي اجتاحت أوروبا آنذاك، متزامنةً مع الثوَّرة الثّقافية في الفن والموضة وغيرها، وحركات تمرّد النِّسَاء، ورفضها اختزالها في الجسد، وكذلك الاحتجاجات على مسابقات ملكات الجمال، والدعوة إلى ”أنْ تُخرج القط الذي يسكنها” كما طلبت الممثِّلة الأميركية ”برجيت باردو”. كلّ هذا يشي بحالة مِن الحراك في كافة مجالات الحياة، وأنَّ ثمّة ثورة اجتاحت العالم قدَّمت الكاتبة شخصية ”نازك خانم” في جميع حالاتها؛ إخفاقاتها، وانكساراتها وجنوحها وقليلاً مرحها. حيث عاشت الحياة كما تريدها دون أن تأبه بأحد، ومارستْ كلّ أنواع النزق باسم الحرية، حتى صارت بحق فضيحة تمشي على قدمين” على حدّ وصف السَّاردة أو”الوقحة والفاجرة” كما رأتها زوجة أبيها، في حين رأها مجيب شان ”أجمل من الآله”، اغتالتها الإشاعات أولا ثمّ اغتالتها الفاشية الدينيّة أخيرًا، التي كانت تحمل في يد باقة من الزهور وفي اليد الأخرى مسدسًا في مفارقة تلخِّص فجيعة مَن يقدمون السّم في العسل باسم الدين، في حين أن النّهاية تأتي على أيديمه ومن ثمّ تبدو”نازك خانم” ملخّصةً لهذا العصر بتناقضاته وثوراته وصيحات جنونه، مذ تمرّدت بالهجرة، وتحرّرها بكونها أوّل فتاة ترتدي البكيني على شواطئ دمشق، وقيادتها السِّيارة بلباس التنس تارة وحافية القدمين تارة ثانية، وجلوسها عارية أمام بيكاسو.