شهدت الجزائر مؤخرا ترسانة من القوانين التي أقرتها الدولة لصالح الناس من قانون الجنسية، الذي منح للمرأة حق إعطاء جنسيتها لأبنائها وصولا إلى مشاريع القوانين المطروحة لتعديل قانون العقوبات، بغية إدراج مواد تشدد العقوبة على التحرش والعنف ضد النساء بكل أشكاله، وكذا مشروع إنشاء صندوق دعم المطلقات كلها قوانين تجعل من وضعية المرأة في الجزائر مثالا يحتذى به، غير أن الواقع الاجتماعي للنساء في الجزائر غير ذلك تماما. وعن أسباب هذا التباين بين القانون والوجود الاجتماعي للنساء، تقول الدكتورة صباح عياش، رئيسة مخبر الأسرة والتربية، ”إن هذا يعود إلى النظرة الاجتماعية المتجذرة في اللاوعي الجمعي والمتوارثة عن المرأة، والتي ما تزال تختصر حواء كجسد وجنس فقط. وحسب الدكتور صباح عياش، فإن تغيير هذه النظرة يتطلب الغوص في البنية والأنساق الاجتماعية بالدراسة والتحليل للوقوف على الأسباب العميقة، ومن ثمة إعداد خطط تربوية الهدف منها إعادة صياغة وعي جديد وتسويق قيم أخرى عن النساء من خلال النسيج الاسري والتربية التي تساهم فيها المرأة نفسها. بالنسبة للبرلمانية زهية بن عروس ”فإن البون شاسع بين القانون والتطبيق”. وحسب بن عروس فإن الترسانة القانونية وحدها لا تكفي وإن كانت ضرورية لفرض احترام النساء، ولكن ينبغي أن ترفق بخطط شاملة هدفها إعادة بناء فكر سليم تجاه النساء وتنسيق بين المدرسة والبيت ودور الأسرة وادوار الجمعيات والمؤسسات التشريعية، ودون ذلك تبقى القوانين مجرد كلام بلا روح. من جهتها، عضو المجلس الوطني للمرأة والأسرة، سكينة بن ضافر، قالت ”إن القانون موجود، لكنه غير مفعل وبدون تفعيله وإضفاء طابع الصرامة المؤسساتية عليه فلن يجدي نفعا. وفي السياق أضافت الناشطة في الكشافة الإسلامية الجزائرية ”أن القيم التي تنقلها العولمة والتغيرات الاجتماعية كلها تدفع إلى حدوث تغييرات سريعة داخل المجتمع قد لا يستوعبها الناس بسهولة، في مقابل ميل البعض نحوى المحافظة على السائد بحثا عن الاستقرار وخوفا من المغامرة التي تفرز حتما إعادة صياغة الأدوار والمفاهيم وتلك خطوة لا محال سنبلغها يوما”. أما نائب رئيس البرلمان العربي، الدكتور نور الدين السد، فقد أكد أن العمل على تأكيد دور المرأة من خلال صياغة منظومة قانونية منسجمة مع المجتمع سيكون جد ضروري لخلق الاستقرار والتناغم الاجتماعي، موضحا أن بناء مجتمع متكامل مهمة النساء والرجال على السواء، لكن تظل المهام الاجتماعية الملقاة على عاتق النساء أكبروأثقل لأن المرأة مؤسسة تربوية وثقافة قائمة بذاتها تتناقل عبرها الأجيال وتتوارث كافة أشكال الحياة الاجتماعية.