لا شك في أن موافقة القيادة السعودية على إنشاء أندية سعودية كانت أمرا مفرحا، حيث بلغ عدد الأندية 170 ناديا في مختلف المدن. زرت مهد الذهب منذ أكثر من 10 سنوات، ولمست من تلك الفترة مدى الحاجة إلى وجود ناد لرياضيي المدينة الصغيرة. لا تختلف البجادية ولا حقل عن مهد الذهب، ذلك أن حقل مدينة تبعد عن تبوك مسافة ليست قصيرة، وبالتالي فإن شبابها كانوا بحاجة لناد صغير يحتضن مواهبهم، والبجادية كانت تنتظر دورها مثل الدوادمي وعفيف، وكان من الصعب على شباب البجادية أن يقطعوا مسافة طويلة إلى الدوادمي للعب الكرة رسميا. لا شك في أن الأمر يختلف عن الأندية التي صدر القرار بإنشائها رغم وجود أندية أخرى في نفس المدينة، وهذا لا يعني أننا لسنا بحاجة لها، لأن الواقع يؤكد أن الزيادة مطلوبة، بيد أن ما هو أهم في نظري يتمثل في ضرورة تبني أندية اللعبة الواحدة. أزعم أننا تجاوزنا مرحلة النادي صاحب ”الألعاب” المتعددة التي تصل للعشرين. وإذا كانت مرحلة النادي صاحب ال3 أو ال4 ألعاب لا غنى عنها، فإن على الأقل الأخذ بالتنويع والمرونة في هذه المسألة بحيث يفتح المجال لمن يرغب في تأسيس ناد لكرة الطاولة أو ناد مخصص لكرة اليد مثلا. كما أن منح المؤسسات والهيئات الوطنية الكبيرة فرصة المشاركة في المسابقات والبطولات مطلوب، وآن أوانه. ولماذا ”نحشر” الألعاب كلها في ناد واحد أو ناديين كما هو الحال في مدينة جدة مثلا، حيث لا يوجد إلا الاتحاد والأهلي ثم الربيع بإمكانياته الضعيفة. لماذا لا نمنح الفرصة لشباب حي من الأحياء بتكوين فريق للكرة الطائرة مثلا والدخول في منافسة رسمية؟ على أن يتحمل أبناء النادي المسؤولية كاملة، أي ليس شرطا أن يكون هناك دعم مالي حكومي. سمعت من يقول بعد صدور قرار إنشاء 17 ناديا سعوديا: هل نحن بحاجة لأندية جديدة؟! الإجابة هي نعم لمن يعرف مهد الذهب أو حقل أو غيرها من المدن الصغيرة، بيد أن المدن الكبيرة بحاجة لعشرات الأندية الصغيرة جدا حتى لو كانت ذات اللعبة الواحدة. والحقيقة أن المدينة الصغيرة بحاجة إلى ناد كبير، والمدن الكبيرة بحاجة إلى أندية صغيرة. يتعين على المدن الصغيرة أن تبدأ على نحو شمولي فتح المجال لعدة ألعاب ما دام أن المدينة لا يوجد فيها إلا ناد واحد. أما المدن الكبيرة مثل الرياضوجدة ومكة المكرمة والدمام فهي بحاجة لأندية صغيرة في كل الأحياء الكبيرة، وليتها تتجه للتخصص مباشرة وتلعب لعبة واحدة. لقد جربنا المركزية وتكثيف كل الألعاب في ناد أو ناديين على مدى عقود، ولم نفلح.. فلماذا لا نخوض تجربة مختلفة؟! أندية الأحياء التي نطلق عليها أندية ”الحواري” كانت مفتاحا وسببا وأساسا لانطلاقتنا الكروية، وكانت بمثابة ناد صغير، أذكر أن معظم أندية ”الحواري” كانت تملك مقار صغيرة مستأجرة. يجتمع عشاق الكرة ويجمعون الأموال ثم يستأجرون ”مبنى” صغيرا يعتبر مقرا للاعبي الحارة الذين ينطلقون فيما بعد للأندية الكبيرة. هذه البدايات تحتاج إلى رعاية وتنظيم.