حين يصل الإهمال القاعدة التي تغذي مستويات كرة القدم العليا؛ فقل على الكبار السلام. أي: لا تتوقع منهم خيرا. مع الأسف الشديد، وصل الإهمال حدا جعل أنديتنا بوابة مفتوحة لوصاية بعض وكلاء اللاعبين، وتغلغل الوساطات أو ”الواسطة” التي يلجأ إليها الكثيرون، من أجل أن يلعب صغارهم. بالطبع، لا بد أن يختلط الحابل بالنابل، يضيع الموهوب إن كان موجودا، ويلعب من لا يصلح للعبة أصلا، ولا يملك موهبة تؤهله للتسجيل في كشوفات النادي. حاول أحدهم كثيرا طرق كل الأبواب؛ من أجل أن يشاهد مسؤولو النادي ابنه الذي يبلغ من العمر 19 عاما، فلم تفلح محاولاته، مع أن أندية قطرية خطبت وده؛ لكن اللاعب لا يريد إلا النادي الذي يعشقه، والذين شاهدوه يشيدون كثيرا بمستواه. هذه الحالة لا دخل لها بالواسطة؛ لأن كل ما يريده الأب أن تعطى الفرصة لابنه للتجربة فقط، فإن لم يفلح، فلا مكان له، ثم إن كرة القدم يفترض ألا تكون مكانا للمجاملة. لاعب آخر ذهب إلى ناد آخر في المدينة، وصلته عدة عروض من أندية صغيرة، وأشاد به عدد من سكان مدينته الصغيرة، ومع ذلك باءت محاولاته بالفشل مع ناديه الكبير الذي يعشقه. كل همه أن يشاهده المسؤولون على الطبيعة، وألا يبحث عن واسطة للعب. سبحان الله، الموهوبون يبحثون عمن يشاهدونهم فقط، لا يريدون إلا فرصة أن يحكم عليهم، ومن لا يملكون موهبة ”ولا هم يحزنون” يسرحون ويمرحون!! من المفترض أن تلغى الواسطة نهائيا إن كانت بغرض إشراك من لا يستحق. أما من يبحث عن واسطة من أجل منحه فرصة لتقديم نفسه، فتلك حكاية أخرى. وأقول لهؤلاء ”الغلابة”: أعانكم الله، هذا هو واقع معظم أنديتنا الكبيرة، وعليكم انتظار الفرج. إدارات أنديتنا تكلف من لا يستحق بالإشراف إداريا وفنيا على الفئات السنية، إلا فيما ندر، وأفضل مثال ما يؤديه في الشباب عملاق كرة القدم فؤاد أنور. والمحزن أن المتابعة في معظم الأندية تغيب نهائيا، فلا تقييم للمواهب، ولا مراقبة لفساد بعض المدربين الذين يبحثون عن مصالحهم؛ لذلك لا يجب أن نستغرب عندما يتوقف الإنتاج السعودي، وتتصارع الأندية على عدد محدود جدا من المبدعين. هل من المعقول أن يرفض المسؤولون حتى مجرد التكرم بمنح الفرصة للراغب في اللعب بأن ”يشاهد”، خصوصا أن الأندية السعودية لم تعد تعترف بالكشافين كما كان يحدث في الماضي؟! هل هذا مسؤول مخلص يحب ناديه وكرة بلاده؟ هل هذا هو النجم الذي صال وجال وبعد اعتزاله لم يعد يهمه إلا مصلحته الشخصية؟! لا غرابة إذن حين يفرض أنصاف المواهب والمصنوعون، ويندر وجود أسماء تلوي الأعناق كما كان يحدث في الماضي، عندما كانت أندية الأحياء تصدر عمالقة يطاردهم كشافو الأندية في الأزقة والحواري. ولا أبالغ إن قلت إن العدد المحدود من نجوم وفناني الفترة الحالية هم نجوم في الأحياء، ولا أريد أن أحرج أحدا بعينه. صناع القرار في الأندية السعودية هذه الأيام يكتفون بالفرجة.