يبدو أن مصائب العرب ستعمر طويلا، فقد أحيت سيناء المصرية أمس، ذكرى مذبحة عميروش الجزائرية التي صادفت أمس، ذكراها العشرين، أين فجّر انتخاري سيارة مفخخة أمام مقر الأمن الولائي للشرطة بشارع عميروش، وقتل بضعة مئات من بين المارة الأبرياء، عندما كانت الجزائر وقتها تواجه آلة الدمار الارهابي بمفردها، يومها قال الارهابي هدام صديق أمريكا والغرب معلقا على استهداف مواطنين أبرياء لا ذنب لهم “ ما كان لهم ليكونوا هناك “. لم ينتفض العالم ولم تدعو عواصمه إلى مسيرات لإدانة إرهاب همجي لا يفرق بين اطفال وشيوخ، بين مدنيين وعسكريين، لم يكن له من هدف ولا يزال كذلك إلا إلحاق المزيد من الدمار بالبلاد. في سيناء أمس، وقعت الجماعات الارهابية إحدى أبشع جرائمها في سيناء باستهداف الجيش، مخلفة 29 قتيلا على الأقل ومثلها من الجرحى وتبنتها جماعة أنصار بيت المقدس. إنه نفس الارهاب اللعين الذي ضرب من أيام في باريس، ونفس الارهاب الذي ضرب من سنتين في تيقنتورين الجزائرية، ونفس الارهاب الذي يقتل في سوريا و في لبنان والعراق، ونفسه الذي فجر من يومين فندق ركسوس بليبيا، وقبله في نيو يورك، وفي استراليا وجاكرتا ولندن ومدريد، لكن لم ينزعج العالم ولم يدن جرائم الاخوان التي تروع المصريين من سنوات حتى قبل الاطاحة بمرسي، لم يدن هذه الجريمة التي باركها صحفيو الجزيرة على المباشر مكبرين ومهللين للجريمة، مثلما أدان من أيام جريمة شارلي ايبدو. ولا أقلب المواجع وأذكر بما كانت تعلق به الصحف الفرنسية التي كانت مرجعية الرأي العام العالمي في مصيبة الجزائر سنة التسعينيات، عندما كانت تشكك في من يقتل في الجزائر. العالم مجبر على الوحدة لمجابهة هذه الآفة العابرة للقارات التي لم تنفك الجزائر عن الترديد بأنها ليست وحدها المستهدفة، وأن هذا الغول الذي ربته أمريكا في أفغانستان سيضرم النار في كل الكون. دماء ضحايا باريس ليست أغلى من دماء شهداء سيناء أمس، ولا ضحايا نيجيريا على يد بوكو حرام الالفين الذين لم ينحن العالم أمام أرواحهم لأنه كان منشغلا بالبكاء على ضحايا شارلي ايبدو، كان وقتها كله شارلي ايبدو. لن يكون الارهاب نصيبنا وحدنا، لن نكون من يدفع ثمنه مثلما دفعنا حماقات الاستعمار في القرون الماضية، لن يكون نصيبنا الدماء والدموع. لن تنتظروا من أمريكا أوباما ولا فرنسا هولاند أن يحموا رقابنا من سكاكين النحر، ليس هناك حلا إلا ما قام به الجيش الجزائري والسوري وأيضا المصري، وعلى الشعوب أن تتوحد خلف جيوشها وألا تترك لغربان الجزيرة أن تشككها في الهدف، عليها أن تعي أن هذه القناة ومثيلاتها سلاح للدمار يهيئ الأرضية لدمار أكبر . كلنا شهداء شارع عميروش وكلنا شهداء سيناء؟!