تتنوع المهن والأنشطة التي تزدهر خلال الشهر الفضيل في مختلف الأسواق الشعبية، فتبرز العديد من المهن الموسمية التي ينشط فيها شباب ورجال وحتى أطفال، والتي تمثل لهم فرصة للعمل، وكسب لقمة عيشهم، وسد بعض ثغرات المصاريف العديدة خلال هذه المناسبة، وحتى إن كانت أعمالا مؤقتة إلا أنها أصبحت تقليدا اجتماعيا متوارَثا، يعود كل مناسبة. وأكثر المهن التي تحظى بذلك الرواج تلك المرتبطة، أساسا، بالغذاء وعادات الأكل في رمضان؛ كالحلويات التقليدية، والعجائن، والخبز بأنواعه، والعصائر، والعديد من المنتجات الأخرى التي يشتد الإقبال عليها طيلة الشهر المبارك. وفيما تشهد بعض المهن ركودا مؤقتا، تنتعش أخرى، وتعيش أحلى أيامها وسط زيادة الطلب على بعض السلع والخدمات، التي تتماشى والسلوكات الاستهلاكية خلال هذه المناسبة المباركة، وحتى إن تراجعت نسبيا بسبب تشديد الرقابة على التجارة الفوضوية، إلا أن المتجول في الأسواق يلاحظ بروز باعة جدد، أو تحويل أنشطة بعض المحلات إلى تجارة مناسباتية، تعرف انتعاشا جيدا خلال رمضان. وفي جولة قادت "المساء" إلى بعض الأسواق بالعاصمة، وقفت على أكثر المهن انتعاشا خلال هذا الشهر الفضيل، والتي تعرف إقبالا استثنائيا في هذه المناسبة، تعكس، أيضا، مشهدا آخر لعادات وتقاليد اجتماعية متوارَثة، تساهم بطريقة أو بأخرى في خلق توازن اجتماعي، وفي تنمية اقتصادية ولو ظرفية. وفي حديثه قال إبراهيم، محضّر حلويات "التارت" التي يعرضها بمحاذاة بيته بالعاصمة، إن مهنته تنتعش بشكل جيد خلال الشهر الفضيل، إلى درجة أنه، أحيانا، لا يمكنه تلبية الطلب الكبير في اليوم الواحد، موضحا أن شهر رمضان هو فرصة بالنسبة له لجني بعض المال وادخاره، ومضيفا أنه عادة ما يوافق عطلته السنوية من عمله كحارس ليلي بإحدى الشركات، حتى يتمكن من مزاولة هذا النشاط المربح، على حد قوله. ومن جهته، قال الطفل مصطفى إنه للسنة الثالثة على التوالي، يساعد أمه في عرض ما تنتجه في البيت من عجائن تقليدية، ك"الديول" و"القطايف"، والتي يبيعها بالحي، موضحا أن تلك الأموال التي يجنيها تساعده في إعالة الأسرة، خصوصا أن أباه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا يمكنه العمل، الأمر الذي يدفعه إلى العمل أحيانا بدلا عنه؛ للتوفيق بين المصاريف والحاجة خصوصا في مثل هذه المناسبات. أما رمزي بائع أقمصة، فأكد، بدوره، أن الأقمصة وأطقم الصلاة هي الأخرى من التجارة التي تنتعش خلال الشهر الفضيل، ويشتد الطلب عليها، لكونها ألبسة تقليدية يقتنيها المرء للصلاة أو للخروج ليلا، أو حتى تحضيرا لعيد الأضحى، موضحا أن أكثر ما يقتنيه الفرد كذلك، عطور المسك، والسواك وغيرهما من المواد المرتبطة بالطهارة والمحببة للذهاب إلى الصلاة، مشيرا إلى أن تجارته تعرف ركودا طول السنة، في حين تنتعش في ثلاث مناسبات فقط؛ رمضان، وعيد الفطر وعيد الأضحى. كما إنّ للأواني وقطع الديكور وملحقات المطبخ، نصيبا من هذه السوق، وتعرف انتعاشا طول الشهر الفضيل وليس، فقط، قبل حلوله، وهو ما وقفت عليه "المساء" خلال تجوالها، إذ أكد محمد بائع بمحل بمحاذاة سوق علي ملاح بالعاصمة، أن النساء يبحثن يوميا عن القطع الجديدة لمطابخهن، ولا يكتفين بما لديهن بالبحث عن تصاميم جديدة، وهذا ما يجعل هذه التجارة تنتعش بشكل ملفت للانتباه. وفي الوقت الذي تنتعش تلك الأنشطة موسميا، تعرف أخرى ركودا وشللا تاما، كالمقاهي والمطاعم، والوكالات السياحية، ومحلات الحلاقة، وصالات الرياضة، ومحلات بيع مواد التجميل، وفق ما أكد مسيرو تلك المحلات والوكالات، موضحين في حديثهم إلى "المساء"، أن تلك الأنشطة تشهد تراجعا خلال رمضان، لتعود للانتعاش مرة أخرى خلال الأسبوع الأخير من الشهر الفضيل، حيث يستعد الجميع للعودة للروتين اليومي، والعادات الاستهلاكية، سواء للسلع أو الخدمات التي يمارسها طول السنة.