تحمل ليلة النصف من شهر رمضان المعظم، طابعا خاصا عند العائلات الجزائرية، حيث توارثت عائلات الهضاب العليا بسطيفوبرج بوعريريج وميلة، إحياء هذه الليلة بعادات وتقاليد جيلا عن جيل، من خلال إعداد أطباق غذائية تقليدية، مع الحرص على اللمّة العائلية. أهم ما يميز هذه الليلة الأكلات التقليدية التي تتفنّن ربات البيوت في إعدادها، حيث أكدت لنا سيدة من ولاية ميلة أنها لاتزال تحافظ على عادات الأجداد في هذا الشأن، حيث تقوم في هذه الليلة، بإعداد ما لذّ وطاب من الأكلات التقليدية بعيدا عن الأكلات العصرية المليئة بالزيوت والدهون، حسب تعبيرها، إذ تقوم بإعداد الشخشوخة أو البربوشة أو التريدة. ويختلف رأيها عن رأي سيدة أخرى من ولاية برج بوعريريج، قالت إنها في هذا اليوم تقوم بإبعاد طبق الشوربة نهائيا، وتستغني عنها ليحل مكانها طبق أكثر دسامة مثل الكسكسي باللحم، أو الرشتة بالدجاج. عائلات الهضاب العليا سطيف هي الأخرى أحيت هذه الليلة بأجواء ممزوجة بين العادات الموروثة والأجواء الروحانية للشهر الفضيل. ولا تختلف أطباقها عن أطباق الولايتين المجاورتين لها. ولكن الذي يُشترط في طبق المرأة السطايفية في هذه الليلة، أن يتم إعداده ب "جاج عرب"، كما يسمونه، أو الديك الرومي، إضافة إلى تحضير الحلويات التقليدية؛ كالبقلاوة والتشاراك، في سهرة تدوم إلى غاية السحور، في حين يسهر الرجال مع بعضهم على فناجين الشاي والمكسرات. ويقوم البعض الآخر بقراءة القرآن. الخاتم للطفل الصائم أول مرة ومن بين العادات الراسخة أيضا في سكان الولايات المذكورة في هذه الليلة المباركة، تصويم الأطفال الصغار كما جرت عليه العادة، وسط جو احتفالي بحضور الوالدين والجد والجدة. ويتحول الأطفال الصائمون في هذه الليلة، إلى أمراء يأمرون، وما على الأولياء إلا تنفيذ الرغبات. تقول السيدة نورة من ولاية سطيف، إن لأسرتها عادة خاصة عندما تقوم بتصويم الأطفال؛ حيث يوضع خاتم من ذهب أو فضة داخل كوب من الماء الممزوج بالسكر، يفطر عليه الطفل. وتقوم عائلات أخرى بإعطاء ابنها أول الإفطار، جرعة ماء مخلوطة بماء الزهر. أما بولاية برج بوعريريج وخاصة من جهة الشمال، فتقوم العائلات بإعداد أكلة تسمى أطمين، تحضَّر بزيت الزيتون، والسكر، والطحين، يفطر عليها الطفل. كما تغتنم الأسر ليلة 15 من رمضان، لختان أولادهم وسط أجواء عائلية تغمرها الفرحة والطمأنينة.