طالبت، أمس ، عائلة العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس رسميا من السلطات العليا في البلاد تنحية التمثال الذي نصب لرائد الحركة الإصلاحية في الجزائر بوسط المدينة مقابل قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة، الذي تحول إلى ما يشبه المزار وسط فوضى وإهانة للرجل الذي أعتبره بوتفليقة رمزا وأبرز شخصية وطنية في الجزائر إلى جانب الأمير عبد القادر الجزائري خلال رسالته الأخيرة بمناسبة إفتاح تظاهرة عاصمة الثقافة العربية. وحسب ما علمناه من مقربين من العائلة بقسنطينة فإنه تمت مراسلة الجهات المسؤولة على أعلى مستوى بغرض التدخل ووقف المهزلة. وانتقدت علانية نجلة أخ الإمام العلامة الراحل عبد الحميد ابن باديس، التمثال ، وقالت بأنه لا يعكس على الإطلاق شخصيته الحقيقية واستنكرت تحول محيط التمثال إلى فوضى وسط أفعال مشينة تسيء لسمعة هذا العالم . وقالت فوزية ابن باديس في تصريح للصحافة، على هامش الاحتفال بيوم العلم بجامعة الأمير عبد القادر، بأنها احتجت على التمثال لدى السلطات المعنية بالأمر وطالبت بإزالته، نظرا لعدم مطابقته للشخصية الحقيقية للشيخ ، ليس فقط من حيث الشكل وإنما من حيث الأحاسيس والمعنى الذي ينبعث منه، إذ أنه صور الشيخ على أنه شخص طاعن في السن ومنهك، بينما كانت حقيقته عكس ذلك على الإطلاق حيث توفي وهو لم يتجاوز سن ال 51 إذ أنه عاش متماسكا وحيويا إلى غاية وفاته ، مشيرة إلى أن التمثال لم ينقص من قيمته كعالم وشخصية إصلاحية باعتبارها مجرد صورة فقط، ولكن كان لابد أن يكون مطابقا لحقيقة ابن باديس على حد ذكرها.
وعبر عدد من الفنانين التشكيليين عن دهشتهم للطريقة التي جيء بها هذا التمثال من خارج الوطن ، وعدم تدخل الجهات المسؤولة في ولاية قسنطينة على الأقل باستشارة الفنانين الكبار والنحاتين المعروفين في الجزائر وخارجها وهم يقيمون بقسنطينة ، كبوشريحة وبن يحي وعمار علالوش هذا الأخير الذي أكد ل " الفجر " أنه قرر عدم التحدث بعد التهميش الذي طال مثقفي وفناني الولاية في التظاهرة واكتفى بالقول أنها مهزلة وإهانة لرجل عظيم . وفي اتصال مع المقاول الذي أستقدم التمثال على حسابه وأهداه على حد قوله لقسنطينة أكد أمس ل " الفجر " أنه لم يتلق لحد الآن أي اتصال من الجهات المسؤولة من أجل تنحيته وأنه طلب الإذن من إحدى سيدات العائلة قبل وضعه "، مضيفا أن " نيته كانت سليمة ومن أٍراد أن يزيح التمثال فليفعل ". يحدث كل هذا وسط صمت مطبق للمسؤولين في قسنطينة الذين يبدوا أن الوقت داهمهم وكانوا لا يفكرون سوى في إفتتاح التظاهرة وسط استمرار أخذ الصور مع التمثال وإغراق مواقع التواصل الاجتماعي بصور مشينة مع التمثال الذي لا يحاط بأية حراسة من أية جهة كانت.