استمع قاضي محكمة القطب الجزائي المتخصص سيدي امحمد أمس، للمتهمين في قضية الفساد الذي عم مجمع ”كنان”، حيث استهل المحامون جلسة المحاكمة بتقديم دفوعات شكلية تتعلق بانقضاء الدعوى العمومية وببطلان إجراءات المتابعة القضائية منددين بذلك بمتابعة المتهمين في قضية الحال، ما اعتبروه خرقا للدستور. وزير الصناعة كان يعلم بأن فرعون مطلوب من الشرطة الفدرالية الأمريكية..ولكنه أصر على توقيع عقد الشراكة معه المتهم ”س.محمد” الذي شغل مهام رئيس مدير شركة مساهمات الدولة في الفترة الممتدة بين سنتي 2002-2008 اعترف بأنه في شهر ديسمبر من سنة 2005 عقد أول لقاء في مقر شركة مساهمات الدولة ”س ج ب جسترامار” ومجمع فرعون وتم التطرق خلال هذه المحادثات إلى كيفية إنشاء الشركة المختلطة وكيفية استغلال البواخر، حيث شرعت الوزارة في إبرام عقد شراكة بين كل من مجمع ”كنان” ومجمع ”فرعون” للمستثمر السعودي غيث فرعون، وفي سنة 2006 عقدت اجتماعات بوزارة المساهمات وترقية الاستثمار بحضور إطارات الوزارة وخبراء دوليين تم خلالها مناقشة مختلف جوانب مشروع الشراكة لضبط مشروع التقرير الذي يقدم إلى مجلس مساهمات الدولة، أين دخل مشروع خوصصة مجمع كنان وفروعه حيز التطبيق، بعد أن اتفق الطرفان على إنشاء شركة مختلطة 51 بالمائة من رأسمالها الجزائري و49 بالمائة أجنبي. وأضاف المتهم خلال تصريحاته أنه أثناء قيامه بأبحاث توصل إلى أن المتهم ”غيث فرعون” رئيس مجمع ”فرعون” له سوابق عدلية مع العدالة الأمريكية وهو محل بحث من طرف الشرطة الفدرالية الأمريكية، على هذا الأساس راسل في 16-9-2007 وزير الصناعة وترقية الاستثمار ”عبد السلام بوشوارب” وأعلمه بالأمر، علما أن التوقيع على عقد الشراكة بين مجمع كنان ومجمع فرعون كان في 24-9-2007 ولكن الوزير لم يثر هذه المسألة خلال مراسيم التوقيع. تفجير القضية الحالية جاء على يد المفتشية العامة للمالية، حيث تم التحقيق في جميع العقود والصفقات التي أبرمها مجمع ”كنان” مع عدة شركات أجنبية أغلبها أوروبية، كما تم التحري في عقود الكراء المبرمة بين المجمع البحري والشركات الأجنبية حول كراء البواخر الجزائرية لهاته الأخيرة، ناهيك عن المبالغ المالية التي كان يحددها المجمع في صفقات كراء البواخر، حيث شملت التحريات جميع فروع الشركة على رأسها فرع ”سي أم ل”، ”أي بي سي”، ”كنان مديتراني” و”كنان شمال”، وبينت التحريات المكثفة، وتقرير المفتشية وقوع عدة تجاوزات بعد أن ثبت إبرامها لصفقات مشبوهة مع شركات خاصة أجنبية. استنزاف لأموال الدولة وادعاءات باهتراء البواخر الجزائرية: وحسب ما تضمنه الملف القضائي، فإن النيابة أمرت فرقة الدرك الوطني للأبحاث بالجزائر، بعد تلقيها بلاغا في خصوص ارتكاب مسؤولي مجمع ”كنان” لعدة تجاوزات فادحة أثناء عملية تسييرهم لهذا المجمع البحري، حيث أمرت النيابة بفتح تحقيق معمق حول هذه التجاوزات، وبمباشرة التحريات تبين صحة البلاغ الذي كشف عن حقائق كارثية هزت القطاع، على رأسها التوقفات التقنية لمعظم سفن الأسطول، حيث بينت التحريات والتحقيقات أن الهدف من هذه التوقفات التقنية كان هدفا مقصودا من قبل رئيس المدير العام للمجمع وشركائه في الجريمة، وهذا لإعطاء السلطات العمومية طابعا بأن هذه السفن مهترئة وغير صالحة للاستعمال، وهذا حتى يتمكنوا من بيعها، وكسب الأموال وتحويلها لحساباتهم الشخصية، كما ثبت قيام أعضاء اللجنة المركزية للصفقات بتسوية عقود التوقفات التقنية لبواخر المجمع المبرمة مع مختلف ممثلي الورشات بإمضائهم عليها بحجة عدم الاطلاع على ملفات وعدم امتلاك الخبرة، ما أضفى الطابع القانوني على تلك التجاوزات التي استنزفت أموالا طائلة من الدولة الجزائرية. .. وتضخيم الفواتير.. وتضمن الملف القضائي تسبب المدير العام المساعد بمجمع ”كنان” في تضخيم فواتير صيانة البواخر وعلى رأسها المصاريف الموجهة لصيانة باخرة ”الحجار” التي تم تقييدها بقيمة 9 ملايير دولار أمريكي دون حساب نفقات قطاع الغيار والدهن وأتعاب الخبراء ومصاريف التكفل بطاقمها في الخارج، في حين بلغت القيمة الحقيقة لهذه الباخرة بوقت قصير عند التنازل عنها بمبلغ 6 ملايين دولار أمريكي، وهي نفس حالة 3 بواخر أخرى وصلت قيمة المصاريف فيها ب5.200.000.00 دولار أمريكي في وقت أن قيمتهم الحقيقية لا تفوق 17.5 مليون دولار. حيث شرعت أمس، محكمة القطب المتخصص بمحكمة سيدي امحمد في الخوض في فضيحة الفساد التي طالت الشركة الوطنية للنقل البحري ”كنان” والتي تورط فيها المدير العام السابق للمجموعة المتواجد رهن الحبس المؤقت المدعو ”ك.علي”، رفقة 20 إطارا آخرا معظمهم رهن الحبس المؤقت أو تحت الرقابة القضائية، لتورطهم في تجاوزات سوء التسيير الحاصل على مستوى الشركة والفروع التابعة لها منذ سنة 2002، والخاصة ببيع عشرات البواخر التي تمثل جزءا من أسطول الشركة الوطنية للملاحة البحرية، بأثمان رخيصة ورمزية في إطار عمليات الخوصصة، حيث جاء في تقرير المفتشية العامة للمالية ارتكاب عدة إطارات بالمجمع لتجاوزات فادحة كلفت المجمع خسائر مالية قدرت بأكثر من 36مليون دولار، بسبب تضخيم فواتير صيانة باخرة ”الحجار” والتنازل عن عتاد خاص بالمجمع لشركات أوروبية وأمريكية مقابل مبالغ بخسة، ووجهت للمتهمين تهم ثقيلة متعلقة بقانون الوقاية من الفساد ومكافحته تنوعت بين الإهمال الواضح المتسبب في ضياع المال العام اختلاس وتبديد أموال عمومية، إساءة استغلال الوظيفة، مخالفة التشريع الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال بالتصريح الكاذب. أخطرنا حتى رئيس الحكومة ”أويحيى” ولكن تمار أصر على إبرام الصفقة فجر المتهم الموقوف المدعو ”بومبار علي” فضيحة من العيار الثقيل أثناء إدلائه لتصريحاته التي وقف بموجبها عدة محامين أمامه لسماع أقواله بإنصات واهتمام وتركيز شديدين، حيث صرح للقاضي وبالحرف الواحد ”أعلمت حتى رئيس الحكومة أويحيى” بالصفقات المشبوهة التي تسببت في استنزاف أموال مجمع ”كنان” وبالرغم من أنه أمر بفتح تحقيق قضائي إلا أننا تفاجأنا، بإمضاء العقد مع شركة مجمع ”فرعون” خلال مراسيم التوقيع على خوصصة شركة ”كنان” بعد أن تم التنازل عن 49 بالمائة من أسهمها للمستثمر السعودي فرعون، بموافقة من وزير الصناعة آنذاك الذي كان قد علم مسبقا بأن رئيس مجمع ”فرعون” هو مطلوب لدى العدالة الأمريكية. فيما لا تزال محاكمة المتهمين مستمرة لغاية كتابتنا لهذه الأسطر.