ستنظر محكمة القطب المتخصص بمحكمة عبان رمضان، اليوم، في فضيحة الفساد التي طالت الشركة الوطنية للنقل البحري ”كنان”، التي تورّط فيها المدير العام السابق للمجموعة المتواجد رهن الحبس المؤقت المدعو ”ك.علي”، رفقة 20 إطارا آخر معظمهم رهن الحبس المؤقت أوتحت الرقابة القضائية، لتورطهم في تجاوزات سوء التسيير الحاصل بالشركة والفروع التابعة لها منذ سنة 2002، والخاصة ببيع عشرات البواخر التي تمثل جزءا من أسطول الشركة الوطنية للملاحة البحرية بأثمان رخيصة ورمزية في إطار عمليات الخوصصة. جاء في تقرير المفتشية العامة للمالية ارتكاب عدة إطارات بالمجمع لتجاوزات فادحة كلفت المجمع خسائر مالية قدرت بأكثر من 36 مليون دولار، بسبب تضخيم فواتير صيانة باخرة ”الحجار” والتنازل عن عتاد خاص بالمجمع لشركات أوروبية وأمريكية مقابل مبالغ بخسة، ووجهت للمتهمين تهم ثقيلة متعلقة بقانون الوقاية من الفساد ومكافحته تنوعت بين الإهمال الواضح المتسبب في ضياع المال العام اختلاس وتبديد أموال عمومية، إساءة استغلال الوظيفة، مخالفة التشريع الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال بالتصريح الكاذب. المفتشية العامة تفجر القضية والدرك الوطني يستمع ل78 إطارا بالمجمع وخارجه تفجير القضية الحالية جاء على يد المفتشية العامة للمالية، حيث شملت التحقيقات القضائية التي استغرقت مدة زمنية معتبرة، بعد أن تكفلت فرقة الدرك الوطني في سماع عدة شخصيات، حيث تم سماع حوالي 78 إطارا وشخصية من المجمع وخارجه، من بينهم مهندسون ومسؤولو فروع الشركة، وتم التحري معهم حول مدى تورطهم في إبرام الصفقات المشبوهة وتبديد المال العام، من خلال التحقق في جميع العقود والصفقات التي أبرمها مجمع ”كنان” مع عدة شركات أجنبية أغلبها أوروبية. كما تم التحري في عقود الكراء المبرمة بين المجمع البحري والشركات الأجنبية حول كراء البواخر الجزائرية لهذه الأخيرة، ناهيك عن المبالغ المالية التي كان يحددها المجمع في صفقات كراء البواخر، حيث شملت التحريات جميع فروع الشركة، على رأسها فرع ”سي أم ل”، ”أي بي سي”، ”كنان مديتراني”، ”كنان شمال”، وبينت التحريات المكثفة وتقرير المفتشية وقوع عدة تجاوزات بعد أن ثبت إبرامها لصفقات مشبوهة مع شركات خاصة أجنبية. استنزفوا أموال الدولة بادعائهم أن البواخر الجزائرية مهترئة وحسب ما تضمنه الملف القضائي، فإن النيابة أمرت فرقة الدرك الوطني للأبحاث بالجزائر، بعد تلقيها بلاغا بخصوص ارتكاب مسؤولي مجمع ”كنان” عدة تجاوزات فادحة أثناء عملية تسييرهم لهذا المجمع البحري، أمرت النيابة بفتح تحقيق معمق حول هذه التجاوزات. وبمباشرة التحريات تبين صحة البلاغ الذي كشف عن حقائق كارثية هزت القطاع، على رأسها التوقفات التقنية لمعظم سفن الأسطول، حيث بينت التحريات والتحقيقات أن الهدف من هذه التوقفات التقنية كان مقصودا من قبل رئيس المدير العام للمجمع وشركائه في الجريمة، وهذا لإعطاء السلطات العمومية طابعا أن هذه السفن مهترئة وغير صالحة للاستعمال، حتى يتمكنوا من بيعها وكسب الأموال وتحويلها لحساباتهم الشخصية. كما ثبت قيام أعضاء اللجنة المركزية للصفقات بتسوية عقود التوقفات التقنية لبواخر المجمع المبرمة مع مختلف ممثلي الورشات بإمضائهم عليها بحجة عدم الاطلاع على ملفات وعدم امتلاك الخبرة، ما أضفى الطابع القانوني على تلك التجاوزات التي استنزفت أموالا طائلة من الدولة. قاضي التحقيق يوجه تهما ثقيلة ل21 متهما وأصدر قاضي تحقيق الغرفة السابعة لمحكمة سيدي امحمد أمرا بانتفاء وجه الدعوى في حق 11 إطارا بالمجمع، ليتقلص عدد المتهمين إلى 21 إطارا، على رأسهم المدير العام السابق للشركة الوطنية للنقل البحري”كنان”، إلى جانب رئيس اللجنة المركزية للصفقات ومدير قسم نقل المسافرين، مدير مركزي للمالية وغيرهم من الإطارات، بعد ثبوت تورطهم بصفة مباشرة في الفضيحة.. أبرموا عقودا مع ورشات بحرية أجنبية بالعملة الصعبة بنسبة 300 بالمائة أثبتت التحريات وجود عدة قرائن قوية عززت اتهام المدير العام السابق لمجمع”كنان”، حيث تبين أنه لم يحترم الإجراءات المعمول بها في استئجار البواخر وأقدم على إعطاء تعليمات لاستأجار باخرة نقل المسافرين ”أريال” دون استشارة سوق التأجير ودون احترام قواعد الشفافية والمساواة بتفضيله العرض المقدم من طرف شبه الوسيط”ع.ب. رفيق”، مع تفضيله وحصره التعامل في تأجير واستئجار البواخر مع الشركتين الأمريكيتين ”بروكساس بولك”و”ڤريت هوب شيبينك” المسيرتين من طرف المدعو ”مزمان”، وذلك بواسطة من الشركة الإسبانية ”رومشار” الممثلة من طرف إطار سابق كان يشتغل في مجمع ”كنان”، مع إبرام ملاحق عقود تخص التوقفات التقنية لبواخر الشركة مع ورشات بحرية أجنبية بالعملة الصعبة تفوق بكثير مبالغ العقود وتصل حتى 300 بالمائة منها في بعض الأحيان، الأمر الذي خلق فرصة لهذه الورشات البحرية لتستحوذ على أموال غير مستحقة عن طريق اقتراحها لأسعار منخفضة نسبيا تمكنها من الفوز بالصفقات، ثم مراجعة هذه المبالغ بعد البدء في الأشغال لتصل لمبالغ خيالية بتواطؤ من إطارات مجمع ”كنان”. كما سمح بدخول بواخر إلى الورشات البحرية حتى قبل إبرام عقود معها وسمح بالتوقيع على عقود مع ورشات بحرية قبل الحصول على تأشيرة لجنة الصفقات، وهو الأمر الذي أكده تقرير المفتشية العامة للمالية، التي دونت في تقاريرها المبالغ المالية الخيالية التي تكبد خسارتها المجمع البحري وعلى مدار عدة سنوات بتواطؤ عدة إطارات بالمجمع ومع شركات أجنبية أمريكية، وإسبانية وغيرها.. ضخموا فواتير صيانة باخرة ”الحجار” بملايين الدولارات وتضمن الملف القضائي تسبب المدير العام المساعد بمجمع ”كنان” في تضخيم فواتير صيانة البواخر، وعلى رأسها المصاريف الموجهة لصيانة باخرة ”الحجار” التي تم تقييدها بقيمة 9 ملايير دولار أمريكي، دون حساب نفقات قطاع الغيار والدهن وأتعاب الخبراء ومصاريف التكفل بطاقمها في الخارج، في حين بلغت القيمة الحقيقية لهذه الباخرة عند التنازل عنها مبلغ 6 ملايين دولار أمريكي. وهي نفس حالة 3 بواخر أخرى وصلت قيمة المصاريف فيها ب5.200.000.00 دولار أمريكي، في وقت أن قيمتهم الحقيقية لا تفوق 17.5 مليون دولار. .. وتنازلوا عن عتاد الإعلام الآلي والنظام المعلوماتي بأثمان رخيصة وتسبب المتهم ”ب.علي” بصفته المفوض العام لشركة ”كنان” بأوروبا بتبديد أموال المجمع المشكلة لرؤوس الأموال التجارية للدولة، عندما تنازل عن تجهيزات الإعلام الآلي والنظام المعلوماتي وأثاث ممثلية مجمع كنان للشركة الخاصة ”نافيماد”، بمقابل جد منخفض، مع تبديده أموال المجمع في قضية حاويات المتعامل ”تاكستينر” المقدرة ب779 حاوية، ما ألحق أضرارا معتبرة بمجمع ”كنان”، وتحديدا فرع ”ناشكو” الذي ألزم بدفع 80 مليون دج للمتعامل”تاكستينر”. نشير بالذكر إلى أن ”الفجر” تحوز نسخا من وثائق هذه القضية، في انتظار ما ستكشفه جلسة المحاكمة من تفاصيل أكثر، في حال قرر القاضي الخوض في القضية بتاريخ اليوم.