استطاعت السوق الجزائرية وحدها انتشال الموسم من حالة الركود التي يتخبط فيها، فقد نشطت هذه السوق بشكل ملحوظ على الوجهة التونسية خاصة بعد الاعتداء الإرهابي على متحف باردو، وكان لها الفضل في الحد من التراجع الذي تم تسجيله تقريبا في أغلب الوجهات. وقد تمكنت السوق الجزائرية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية من بلوغ 311 ألف وافد بزيادة 5.7 بالمائة عن ذات الفترة من السنة الماضية والتي كان فيها العدد في حدود 289 ألف سائح. يلاحظ المتابع لواقع السياحة المغاربية في تونس أن هذه السنة ليست في أحسن حال على العموم، حيث تتحدث أرقام ديوان السياحة عن تراجع عام في السوق بنسبة 4.24٪، حيث بلغ إجمالي الوافدين المغاربيين إلى تونس خلال الثلاثي الأول من هذا الموسم 711 ألف مقابل 941 ألف في العام الماضي. ومن جهتها، تميزت خلال الشهور الثلاثة الماضية الوجهة المصرية، التي عرفت تطورا غير مسبوق بلغ 5.421 ٪، فمن ثلاثة ألاف ومائة زائر العام الماضي إلى 16 ألف سائح في الثلاثي الأول الماضي من السنة الجارية. وبهذه النتائج تمكنت السياحة البينية (العربية) من الاقتراب من 25 ألف زائر في ثلاثي واحد، وهو ما سيكون مهما للمهنيين والإدارة معا للعمل على هذه السوق بدعم الإشهار والاتصال داخل هذه الأسواق، لجذب المزيد من السياح منها، خاصة وأن قدرتها على الإنفاق عالية جدا ويمكن لها تعويض الخسائر التي ستتأتى من تراجع السياح الأوروبيين فيما تسبب الهجوم الارهابي على متحف الباردو في تراجع كبير في عدد الوافدين من السياح الأوروبيين، الذين يمثلون في الغالب الأعم 65٪ من مجمل الوافدين كامل السنة على تونس خاصة في فصل الصيف الذي يمثل وحده موسم الذروة. لكن معطى آخر أيضا جاء ليلقي بظلال كثيفة على القطاع والموسم عامة والمتمثل في السوق الليبية، والتي استطاعت في السنوات القليلة الماضية أن تصبح أول سوق سياحية لتونس بعد أن وصل عدد الوافدين منها قرابة المليوني زائر. هذه السوق لم تعد كذلك، بعد أن الحرب الأهلية المدمرة ما كان احد يتصور أن تصل إلى هذه الدرجة من العنف. وقد انجر عنها تهاو سريع في عدد الوافدين الليبيين إلى تونس، بشكل كبير ومقلق خلال الشهور الثلاثة التي مرت من هذا العام حيث تهاوى الرقم من 635 ألف زائر خلال نفس المدة من سنة 2014 إلى 380 ألفا هذا العام محققة بذلك نسبة تقلص ب2.40٪. ومثل هذا التراجع الكبير حقا ستكون له أثار جد مؤلمة على ميزان المدفوعات للبلاد الذي تساهم السياحة فيه بمداخيلها من العملة الصعبة بما يزيد عن 60٪. وهذا ما يفسر بالتالي تراجع نسبة النمو العام في البلاد خلال الثلاثي الأول من هذا العام إلى 7.1٪ وهي نسبة غير مطمئنة بالنسبة لبقية العام.