الظاهر أن صحافة المخزن لا تفوت أي شيء أو حدث إلا واستثمرت فيه، وهذه المرة كان الدور على تظاهرة ليالي الشعر العربي بقسنطينة التي تنظم في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، وقامت في نهاية الشهر الماضي باستضافة شعراء من المغرب في ”ليلة الشعر المغربي”، وهناك تم إصدار بيان من طرف شعراء جزائريين ومغاربة وطالبوا عبر نداء يدعو لنبذ الخلافات السياسية بين البلدين وهنا تحولت التظاهرة الشعرية إلى سياسية بامتياز وهو ما اتخذته أقلام المخزن مادة دسمة لعناوينها المختلفة. وجاء في البيان الذي أطلقه شعراء البلدين ”المغاربة والجزائريون كابدوا لعنة الاستعمار، وأبان رجالات الحركة الوطنية في المغرب والجزائر عن الكثير من البطولة في نضالهم المرير من أجل التحرر، نضال ووعي منذ الثورة بأن لا سبيل إلى الحرية والاستقلال خارج خيار التضامن والوحدة بين شعوب المنطقة”. والمتمعن جيدا في هذه الفقرة يدرك تسبيق كلمة المغرب دائما على الجزائر خاصة من حيث مكابدة الاستعمار والنضال، في حين يدرك الجميع أن الثورة الجزائرية وصل صداها إلى العالم ولا مثيل لها، وعدد الشهداء وصور الاضطهاد والقمع الفرنسي أكبر دليل على ذلك. ومما جاء في البيان كذلك ”إذا كانت السياسة وتقلّباتها قد تجد أكثر من مبرّر لإذكاء الخلافات العابرة، مهما عمّرت طويلا، إلا أننا نحن الشعراء والأدباء الملتئمين في ليلة الشعر المغربي هنا بقسنطينة، من البلدين، نهتم بالأساس الذي يشكل وجدان شعوبنا، هذا الأساس الذي انصهر عبر تاريخ من الكفاح نتشبث به لرأب صدع حلمنا الجماعي وتجسير الهوة بين بلدينا، ونحن في مدينة الجسور المعلّقة قسنطينة، لترميم مصيرنا المشترك من أجل مستقبل مغاربي موحد وأكثر إضاءة”. ووقع على النداء كل من محمد بنطلحة، ياسين عدنان، بوزيد حرز الله، محمد الصالحي، أحمد عبد الكريم، صباح الدبي، إيمان الخطابي، لميس سعيدي، احميدة عياشي، عبد الرزاق بوكبة، عبد السلام يخلف”. وكتبت الصحافة المغاربية كثيرا على هذه المبادرة ولكن قامت بتحريفها بما يخدم مصالح بلدها حيث قالت بعض المنابر الإعلامية أن بعض شعراء الجزائر يساندون الروائي المغربي الطاهر بن جلون، هذا الأخير كان في مقال له كتب الشهر الماضي مجموعة من الاتهامات للجزائر منها أنها تقف حائلا في وجه اتحاد مغاربي قوي وأنها لا تزال مصممة على غلق الحدود بين البلدين، ناهيك على تدخله في الشأن الداخلي الجزائري واصفا إياه بالفوضى. وفي سياق متصل أوضح الشاعر المغربي ياسين عدنان بأن كل مبادرات التبادل الأدبي بين شعراء المغرب والجزائر يجب التعامل معها باعتبارها فرصة للقاء وتعميق الحوار، ومناسبة لنسج خيوط أفق مشترك تكون فيه القصيدة جسرا أثريا بين الوجدان الجزائري والوجدان المغربي”، ولكن بعض وسائل الاعلام تريد الاصطياد في المياه العكرة مثلما قام به مراسل وكالة الأناضول وقامت بتناقله كبريات الجرائد العربية، حيث حاد المراسل عن طريق الثقافة والشعر وتحدث عن القضايا السياسية العالقة بين الجزائر والمغرب. وفي سياق آخر اتهمت صحافة المخزن السلطات في الجزائر بأنها فتحت المجال لشعراء الصحراء الغربية من أجل هجو المغرب والمغاربة، وأضافت بأن بلدية الجزائر الوسطى نظمت حفلا شعريا خصص لناظمي القوافي المنتمين لكل من الجزائر والصحراء الغربية للتغني بنضال الشعب الصحراوي والتي تندرج ضمن سياق ”أسبوع الأخوة والتضامن مع الشعب الصحراوي”. ويبدو أن صحافة المخزن لا تفوت أي شيء يتعلق بالجزائر وموقفها الدائم في مساندة الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، إلا وقامت بتلفيق العديد من التهم، ليس الغرض منها إلا التشهير، مثلما قالت بأن السلطات الجزائرية بدعمها شعراء الصحراء الغربية أظهرت عدم تقبلها تألق شعراء من المغرب في ليلة الشعر المغربي بقسنطينة في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية لعام 2015.