توفيت يوم السبت الماضي، شانتال لوفافري، السيدة التي أشرفت على تسيير مطبعة ”موغان” بالبليدة، أيام العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر. وتعد شانتال لوفافري فرنسية الأصل، من مواليد 1946 بحي تيليملي بالجزائر العاصمة، عادت إلى الجزائر سنة 1993 بعد أن غادرتها فترة استقلال الجزائر، وهذا من أجل إعادة تشغيل وتسيير مطبعة ”موغان” التي كانت تمتلكها عائلتها. وتعتبر شانتال لوفافري امرأة مناضلة في مجال الثقافة والآداب، بحيث تخطت كل المخاوف وعادت إلى الجزائرمسقط رأسها لإعادة إحياء المطبعة ”موغان”، وتحدت الفرنسية العشرية السوداء، وكل التحذيرات التي كانت تطلقها الدول الغربية وخاصة فرنسا من أجل منع مواطنيها من زيارة الجزائر، وأقامت بمدينة البليدة، تحديدا بوسط المدينة بما يعرف اليوم بساحة التوت، مواصلة مسار والديها والعائلة التي انشات المطبعة سنة 1857. ونشأت شانتال بحي تيليملي بالعاصمة الجزائر، حيث درست كل الأطوار التعليمية، لتغادرها سنة 1962 بعد استقلال الجزائر، وأكدت في العديد من التصريحات الصحفية، أن مغادرتها الجزائر كان ”شيئا اظطراريا”، وقالت أنه خلال السنوات الأولى بعد الرحيل كانت لا تود السماع عن الجزائر وعن ماضيها، ولكن أكدت في مقال جاء على شكل بورتري، نشر في صحيفة الوطن بالفرنسية للصحفي حميد طاهري، ”أنه بعد مرور السنوات لابد أن يعود الماضي وذكرياته”، خاصة أنها كانت تعتبر نفسها ابنة الجزائر العاصمة حيث استقرت نهائيا بها. وفيما يخص عملها بالمطبعة، كانت قد صرحت أنها لم تكن تفقه شيئا، ولكن إرادتها وإصرارها قادها إلى التعلم خاصة بالقرب من عمال المطبعة، وعن الشعور بالخوف سنوات التسعينيات والإرهاب الذي عاش على واقعه الجزائريون، كانت تعتبر نفسها محمية من طرف سكان ساحة التوت بالبليدة، وأيضا من طرف عمالها بالمطبعة. وطبعت مطبعة ”موغان” للعديد من دور النشر المعروفة بالجزائر، على غرار دار النشر ”برزخ”، كما تعاملت المطبعة مع العديد من الكتاب الجزائريين، وفي سنة 2001 أنشأت شانتال مكتبة تحمل اسم ”إيبونيم”، أبت إلا أن تجعل منها مكانا للتبادل الثقافي والأدبي بين مختلف مثقفي ومبدعي مدينة البليدةوالجزائر ككل. للتذكير، أقامت شانتال لوفافري، بعد مغادرتها للجزائر، بإسبانيا حيث شغلت منصب مدرسة للغة الفرنسية بمدريد، ونالت شاهدة ليسانس في علم النفس، وخلال سنوات الثمانينيات قامت شانتال بزيارات قصيرة عديدة للجزائر، حيث زارت منطقة القبائل والوادي، لتستقر سنة 1993 بالبليدة.