الفكرة، فكرة رسالة ال19 المطالبين لقاء الرئيس ليست بطالة، البطالين هم الذين رفعوها، وأغلبهم من رجال ونساء خليدة بمن فيهم رشيد بوجدرة، فأغلب الموقعين إما ناشطات في جمعية راشدة أو استفادوا من ريع وزارة الثقافة في زمن ما! الفكرة، قلت جيدة، لكن للأسف الذين تبنوها ورفعوها، فقدوا كل مصداقية أمام الجزائريين. ومع ذلك فقد أوقعوا رئاسة الجمهورية في مأزق، فإما سيفتحوا باب الرئيس أمام المطالبين بلقائه، وهذا لا يحبذه المشرفون على أحوال الرجل، وإما يرفضون الاستجابة لهذا المطلب مثلما فعلوا مع زعيم حمس عبد الرزاق مقري من فترة لما طالب لقاء الرئيس في ”عزف منفرد” فوجد نفسه أمام مدير الديوان أحمد أويحيى. وهم في حال رفضهم، سيؤكدون فرضية أن الرئيس محجور عليه وأنه لا يملك قراره وأنه سجين محيطه، ما يعني أن الرسالة قد أدت مفعولها. والتقى المطالبين بالرئيس أم لم يلتقوا به فقد حققوا نجاحا وسجلوا أهدافا في مرمى الرئاسة. خليدة والويزة ليستا مقري، ولن تقبلا بلقاء مع أويحيى، فمطلب الجماعة واضح وألسنتهم ليست في جيوبهم، ولن يخيفهم رد فعل عمار سعداني ولا قصف أحمد أويحيى، اللذان تحركا هما أيضا بإيعاز، لكن مجرد الرد على مطلب قائمة خليدة تأكيد أيضا على التخوفات التي ذكرتها الرسالة، أن الرئيس لا يملك سلطة القرار. لا! لم تنجح السلطة في تشكيل معارضة لها من صلبها، بتزعم خليدة والويزة هذه الخطوة المفاجئة، وإنما أوقعت نفسها في ورطة الهروب إلى الأمام منذ الإعلان عن مرض الرئيس ودخوله مستشفى ”فال دوغراس” بفرنسا، ثم هل في حالة وقوف جماعة خليدة ولويزة على الرئيس ولاحظوا أنه مريض أو أنه عاجز على أداء مهامه كرئيس، فهل يجرؤ هؤلاء ويطالبوا بتطبيق المادة 88 من الدستور؟ هل يجرؤون ويجبرون المجلس الدستوري برمته على الاعتراف بشغور منصب الرئيس بسبب عجز هذا الأخير وعدم قدرته على أداء مهامه الدستورية، علما أن المادة 88 تتطلب موافقة كل أعضاء المجلس الدستوري بالإجماع والإقرار بعدم قدرة الرئيس. ضف إلى هذا شهادة طبية تؤكد ذلك، فمنْ من أعضاء المجلس الدستوري وخاصة رئيسه الذي ”كذب” وادعى أنه استقبل الرئيس وتسلم منه شخصيا ملف الترشح، بينما تم كل شيء مسبقا وصور في إقامة زرالدة، هل تكون لديه الشجاعة اليوم ليتحمل هو الآخر مسؤولياته الدستورية ويخرج عن طاعة الأسرة التي وضعته في منصب ما كان ليحلم به؟! خرجة خليدة والويزة، ذكية جدا، وقد عرت الجميع ووضعت الجميع أمام مسؤولياتهم. عرت الرئاسة وعرت الجيش وعرت البرلمان بغرفتيه وعرت كل من له مسؤولية دستورية في هذه البلاد ولم يكن في مستواها، أليس الجيش حامي الدستور؟ فكيف يقبل بالدوس على الدستور ويقبل أن تهان كرامة الرئيس وتسلب منه إرادته بالصورة التي تحدثت عنها رسالة ال19؟! وعرت السلطة وأخرجت لأول مرة الانقسام بصفوفها إلى الرأي العام وأعطت خاصة إلى خليدة تومي دورا بطوليا جديدا لتعود به إلى الواجهة السياسية، وقد كانت شريكا في الكثير من جرائم تسيير المال العام، وتبذيره في مشاريع وهمية ومهرجانات لم تجلب إلى البلاد شيئا يذكر! في انتظار أن يفتح باب الرئاسة، ها هو جارنا الملك يتطاول على الجزائر ويدعم انفصال منطقة القبائل وانفصال غرداية ويتهجم علينا جهارا نهارا وها هو أردوغان يدعو المعارضة الجزائرية (الإسلاموية) بالاجتماع به في تركيا ومن يدري ماذا يهيئ لص حلب للجزائر هي الأخرى، بعد الخراب الذي ألحقه بسوريا. فهل من رجل أو امرأة يرفع على البلاد ما لحقها من هوان!!