أنتجت الجزيرة الوثائقية فيلما وثائقيا عن مؤلف النشيد الوطني الشاعر الجزائري الراحل مفدي زكريا، حيث يتناول العمل سيرة شاعر الثورة الجزائرية الذي صدح بصوته عاليا في وجه المستعمر الفرنسي. الفيلم الوثائقي ”مُفدي زكريا.. شاعر الثورة الجزائرية” للمخرج الأردني صهيب أبو دولة، يتوقف عند أبرز المحطات التاريخية والنضالية، حيث صور المخرج شهادات شخصيات عاشت مع الشاعر أو عرفته عن قرب، كما انتقل المخرج إلى مسقط رأسه ”بني يزڤن” في الجنوب الجزائري وبالضبط إلى مدينة غرداية، ليلقي الضوء على بداياته، هناك وُلد زكريا ونشأ قرب قصور ”مزاب”، وسط مشاهد لكتاتيب بني يزڤن وحلقاتها، حيث تعلّم القرآن والفقه واللغة. يسجل الفيلم شهادات الوزير السابق لمين بشيشي الذي قال بأن مفدي زكريا كان ضمن الأسماء التي تضمّنها كتابٌ صدر سنة 1927 بعنوان ”شعراء الجزائر في العصر الحديث”، ولم يكن سنه آنذاك يتجاوز 19 عاما، في حين وصفه والمؤرخ محمد زغيدي ب”فراس الحمداني القرن العشرين”. يُظهر الفيلم منزل زكريا في بدايات القرن العشرين، والذي تحوّل اليوم إلى مكتبة، مرفقا العمل بصور أرشيفية للشاعر مع عائلته، خصوصا مع قلة الوثائق التي تتحدّث عنه، حيث صادرت فرنسا ممتلكاته أكثر من مرة، خلال المداهمات والاعتقالات. يُحاول العمل الاقتراب من الحياة الخاصّة لزكريا، حيث يكشف أن والده كان تاجراً، ووالدته رحلت وهو في الثامنة من العمر، ويؤكّد حمّودة أن الشاعر تأثّر برحيل أمّه، لكن ذلك لم يظهر في شعره الذي كان يحرص على إخفاء الجانب الشخصي فيه، لكون اشعار مفدي زكريا متعلقة بقضية وطنية وهي الجزائر. لم يغفل الفيلم الرحلة التي قام بها مفدي زكريا إلى إلى تونس، رفقة بعثة عملية وهناك، التحق بعدد من مدارسها، وبدأت معها أهمّ مرحلة في حياته، ساهمت في بلورة وعيه السياسي، الذي نما مع عمّه الشيخ صالح بن يحيى الذي كان بيتُه مقرّاً لاجتماعات قيادات من الحركتين الوطنيتين في تونسوالجزائر، من هنا بدأت ملكته اللسانية وكتب أول قصيدة وسنه لا يتعدى ال 14 عاما وبعدها نشر أول قصيدة في الصحافة التونسية بعنوان ”إلى الريفيين”، تمجيداً ل”ثورة الريف” في شمال المغرب بقيادة عبد الكريم الخطّابي، ضدّ الاحتلال الإسباني. بعد عودته إلى الجزائر تزامنا مع ظهور زعيم الحكرة الوطنية الجزائرية، مصالي الحاج، الذي أسّس عام 1926 حزب ”نجم شمال إفريقيا”، الذي بلغ ذروته عام 1936، حين نادى لأوّل مرة بالاستقلال، انضمّ زكريا إلى الحزب وكتب نشيده الرسمي في 1937، بعنوان ”فداء الجزائر روحي ومالي”، الذي ردّ فيه على دعاة الإدماج ومجّد فيه الجزائر والحزب ومصالي. بعد تأسيس ”حزب الشعب” زج بمفدي زكريا في السجن، ليلتحق بعدها بالثورة التحريرية ويكتب نشيد ”قسماً”، قبل أن يُعتقل مجدّداً لثلاث سنواتٍ. توقف الفيلم عند رحلة مفدي زكريا إلى تونس بعد الاستقلال بسبب رفضه لسياسة الرئيس هواري بومدين دون ذكر تفاصيل أخرى.