استعرض المخرج الأردني صهيب أبو دولة، حياة أسطورة الشعر الجزائري الثوري مفدي زكرياء من خلال فيلم وثائقي "مُفدي زكرياء.. شاعر الثورة الجزائرية"، الذي يروي من خلاله أهم محطات صاحب الأشعار الثورية الملهبة على مدار 57 دقيقة. حاول المخرج صهيب أبو دولة التعريف بأهم محطات صاحب النشيد الوطني الجزائري "قسما" زكرياء بن سليمان بن الشيخ المعروف بمفدي زكرياء في 57 دقيقة، حيث استجوب في هذا السياق أهم الشخصيات التي عاصرته ونقل شهاداتهم إلى مشاهد من أهم التسجيلات المتوفرة عن صاحب قصيدة "الإلياذة" التي تضمنت ألف بيت، حيث صور المخرج مشاهد في منطقة "بني يزڤن" بغرداية مسقط رأس مفدي زكرياء. تضمن الفيلم الوثائقي، الذي بثته قناة الجزيرة الوثائقية صورا للبيت الذي ترعرع فيه مفدي زكرياء والذي تحوّل اليوم إلى مكتبة، هذا البيت الذي كان شاهدا على المداهمات واعتقالات فرنسا له في الكثير من المرات، كما كان شاهدا على مصادرتها لممتلكات عائلته، حيث كان والده تاجرا، كما ركز على الاهتمام الكبير لمفدي زكرياء بالقضية الوطنية، حيث بدا ذلك جليا واضحا من خلال أشعاره الوطنية وإهماله لمعاناته الشخصية، خاصة إذا علمنا أنه فارق والدته في سن الثامنة، حيث يظهر مقدار الوطنية والحس الوطني الذي يتمتع به الرجل منذ صغره. وتحدث الوزير الأسبق للثقافة والاتصال لمين بشيشي عن الملكة الشعرية المبكرة عند مفدي زكرياء والتي أهلته أن يتبوأ مكانة مهمة وسط كبار الشعراء في الجزائر والوطن العربي بشكل عام، ويكون أهلا لكتابة النشيد الوطني الجزائري. وتطرق الباحث مصطفى حمّودة، إلى مولد مفدي زكرياء ونشأته، حيث وُلد ونشأ قرب قصور "ميزاب" العريقة، أين حفظ القرآن وتعلم اللغة العربية والفقه في كتاتيبها،أما محمد زغيدي، فقد ركز في شهادته على موهبته الشعرية لدرجة انه وصفه ب"فراس الحمداني القرن العشرين". كما يتحدث الفيلم الوثائقي عن ارتباط مفدي بفكرة النضال منذ الصغر، حيث ظل يبحث عن فرصة للنضال، وتزامن ذلك مع ظهور زعيم الحركة الوطنية الجزائرية، مصالي الحاج، الذي أسّس عام 1926 حزب "نجم شمال إفريقيا"، الذي بلغ ذروته عام 1936، حين نادى لأوّل مرة بالاستقلال، فانضم زكريا إلى الحزب، وكتب نشيده الرسمي في 1937، بعنوان "فداء الجزائر روحي ومالي"، الذي ردّ فيه على دعاة الاندماج، ومجّد فيه الجزائر والحزب ومصالي. بثّت القصيدة شرارة الثورة لدى الجزائريين الذين اعتبروها نشيدهم الوطني الأول، وظلّوا يردّدونها حتّى الخمسينيات، بعد حل "حزب شمال إفريقيا"، أصبح الرجل رقما مهما في "حزب الشعب"، حيث نصب ناطقا رسميا له وأمينا عاما له، أين تعرض للسجن أكثر من مرة في السجون الفرنسية، ليفضل بعد الاستقلال مغادرة الجزائر إرضاء لقناعاته السياسية.