أعطى، مساء أول أمس، الفيلم الفلسطيني ”المطلوبون 18” إشارة انطلاق الطبعة السادسة من مهرجان الجزائر الدولي للسينما أيام الفيلم الملتزم بقاعة الموقار بحضور وزير الثقافة عز الدين ميهوبي والعديد من الوجوه السينمائية الجزائرية. وقالت محافظة المهرجان، زهيرة ياحي، أن المهرجان لن ينسى السينمائيين الجزائريين الذين رحلوا في صورة معمر مقران، منوهة في كلمتها بمسار الرجل. وشدد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي على ضرورة بذل الجهود من أجل إعادة الجمهور إلى قاعات السينما، واصفا التظاهرة بالامتحان الكبير إلى جانب تظاهرات أخرى. وأكد ميهوبي أن برنامج التظاهرة يناقش قضايا إنسانية مهمّة، معتبرا أن اختيار الأفلام كان موفقا خاصة وأنه يتناول القضية الفلسطينية وقضية الشعب الصحراوي. واعتبر الناقد السينمائي احمد بجاوي وعضو لجنة التنظيم، أن وجود مناسبات تعنى بسينما القضية هو أمر بالغ الأهمية، فحسبه لابد من التركيز على الخاصية الجزائرية التي لتلزم بالقضية بعيدا عن الجوانب التجارية للكثير من المهرجانات العالمية، مضيفا أن التحدي هو كيفية جلب الجمهور وتحريك وجدانه حول قضايا انسانية مختلفة. وأوضح الناقد وعضو لجنة التنظيم أحمد بجاوي، أن الالتزام لا ينحصر على القضايا السياسية فقط، ويتعدى ذلك إلى كل ما له علاقة بمواضيع الطفل، الاتجار بالبشر، والبيئة، مشيرا أن مهرجان الجزائر الدولي للسينما، لم يغفل عن الجانب الجمالي والجودة في انتقاء الأعمال المشاركة، إضافة إلى معايير المضمون والتزامه بقضية. من جهة أخرى، تكلم بجاوي عن النشاطات المرافقة لعروض الأفلام، وأشار إلى الندوات الثلاث التي ستتطرق إلى مواضيع، تصب كلها في خانة خط المهرجان الذي يعنى بالالتزام. وقدمت السيدة ياحي أعضاء لجنة التحكيم والتي ضمت في الفيلم الروائي المخرج الجزائري بلقاسم حجاج رئيسا، وأعضاؤها الفلسطينية ماريز غرغور، التونسية كاهنة عطية ريفاي، ومن صربيا ميلا توغايليتش. وفي الفيلم الوثائقي؛ ضمت لجنة التحكيم كلا من المخرج الجزائري مهدي العلوي رئيسا، ومواطنه خالد بن عيسى، الفرنسي غي شابويي ومواطنه فيليب روستان واللبناني هادي زكاك. وكرم المهرجان الصحفي الجزائري الراحل مليك آيت عودية، حيث تسلّمت حرم الراحل آيت عودية شهادة التكريم، وعقّب وزير الثقافة عز الدين ميهوبي على هامش تكريم الراحل الصحفي مليك آيت عودية، قائلا ”مليك كان هنا على خشبة الموقار قبل أربع سنوات يرافع عن الوطن وعن الفيلم الجزائري ومات وفي قلبه الجزائر”. ”المطلوبون ال 18”... عندما تشكل الأبقار خطرا على أمن إسرائيل عرض الفيلم الوثائقي ”المطلوبون ال18” بقاعة الموڤار ليفتتح المسابقة الرسمية لمهرجان الجزائر الدولي للسينما أيام الفيلم الملتزم، وهو المرشح لجائزة الأوسكار للمخرج الفلسطيني عامر شوملي والمخرج الكندي بول كاون. ويتناول الفيلم قصة حقيقية من فترة الانتفاضة الأولى عن أحد أساليب المقاومة الشعبية والعصيان المدني التي استخدمها الشعب الفلسطيني ونفّذت تحديدا في مدينة بيت ساحور. ولا يتحدث الفيلم ”المطلوبون ال 18” في العموميات، إنما يأخذ المخرجان قصة مدهشة بحق تتمثل بشراء أهالي البلدة ل 18 بقرة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي وإنتاج حاجتهم من الحليب ومشتقاته المختلفة ومقاطعة الشركة الإسرائيلية المصنعة للحليب ”تنوفا”، وإنشاء اقتصاد مستقل بهم، لتتحول هذه البقرات إلى خطر أمني يهدد الاحتلال فيطاردهن، وتتحول البقرات، وبطريقة كوميدية ساخرة، لمطلوبات للاحتلال الإسرائيلي.، يقول الضابط الإسرائيلي: ”هذه البقرات تشكل خطرا على أمن دولة إسرائيل”، بعد أن صارت تخاف من تحول بيت ساحور لنموذج نضالي يحتذى به من باقي البلدات. ويتنقل الفيلم بين المناضلين الفلسطينيين والأبقار والشخصيات من الجيش الإسرائيلي وعبر أكثر من وسيلة فنية، بما فيها الرسوم المتحركة، تصيغ تفاصيل هذه الحكاية الشعبية، وصولا إلى نهاية المطاردة المأساوية. وبعد نفوق عدد كبير من البقرات خلال سنوات، يتم نقل البقية عبر شاحنة للذبح، لكن بقرة تقوم بدفع ابنتها خارج الشاحنة لتركض بعيدا رافضة هذا المصير المأساوي. قدمت قصة الفيلم عبر الفنتازيا وبأسلوبية ذكية وحرفية مختلفة من حيث الإشارات والدلالات التي تحملها وتعبر عن حلم أكبر للفلسطينيين يتجاوز المطالب المعيشية إلى أمل بالتحرر والدولة المستقلة.. استغرق عمل الفيلم ما يقارب خمس سنوات، وشارك الشوملي في إنتاجه المخرج الكندي بول كاون الذي ارتبط اسمه بالعديد من الجوائز المهمة، منها ”الأوسكار” عن فيلم ”فلامنكو.” ويقول الشوملي: ”واجه الفيلم مجموعة صعوبات، كان من أبرزها موضوع البحث، والحصول على الأرشيف الذي رفضت حكومة الاحتلال الإسرائيلي السماح بالاطلاع عليه، علاوة على المشكلة المالية والتكلفة المرتفعة، حيث بلغت تكلفة الفيلم قرابة مليون و200 ألف دولار”.