* ”هل يمكن قياس كل ما كتبته أحلام برواية واحدة مما كتبه وطار، أو آسيا جبار؟” عاد الناقد المصري محمود الغيطاني بمقال جديد فاتحا فيه النار على الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، واصفا إياها بمحترفة التسلق على أكتاف الموتى، قائلا بأن إطلاق جائزة باسم أحلام مستغانمي هو أمر لا يدل سوى على قيمة ما تقدمه مستغانمي من كتابة لا يمكن أن نطلق عليها وصف ”الكتابة الروائية”؛ لأن ما تقدمه أحلام بعيد تماما عن هذا التوصيف؛ فهي كاتبة للخواطر بامتياز. وأعطى الغيطاني في مقاله الذي كتبه في مجلة البوابة أمثلة عن رواية ”الأسود يليق بك” لأحلام مستغانمي، قائلا: ”هذه النماذج لا يمكن إخضاعها لذائقة أي ناقد يعرف ماهية الأدب، ومن ثم يصفها بالكتابة الأدبية إلا إذا كان سقيم الذائقة؛ فالسيدة أحلام فيما تكتبه تُقدم مجموعة من النصائح للمراهقين، والنساء المتراهقات والأرامل، والمكتئبات، حتى لكأنها تجلس في خلوتها لتتأمل العالم، ثم تخرج علينا بخواطرها وحكمها التي تُطلقها للعالم البائس الذي يُطلق تنهيدة عميقة من صدره بكاءً على حاله بعدما يقرأ لها”. وقال الغيطاني أن الكاتب الحقيقي حينما يتعرض للنقد- الذي لا غنى عنه بالنسبة للكاتب- ليس من حقه الرد، أو الشرح، أو التوضيح للناقد، أو التهجم عليه بالسب والرفض، والاستعلاء، ووصفه بأنه عدو له، وإلا لمَ يسعد الكاتب حينما يمدحه الناقد عن عمل له، في حين أنه حينما يتعرض للقدح فيما قدمه يبدأ هذا الكاتب في الضجيج المفتعل؟ وتساءل الناقد: ”هل الناقد الذي يدلي بدلوه في كتابة سيئة وسطحية وركيكة من الممكن أن يتحول إلى عدو لهذا الكاتب، ولماذا هو عدو من وجهة نظره، هل لأنه يوضح شكل هذه الكتابة التي لا ترقى للأدب الحقيقي، أم لأن الكاتب يرى فيما يكتبه نصاً مقدساً لا يمكن تناوله بالنقد والمساءلة؟ وهل مهمة الناقد في المقام الأول هي المدح، والصلاة والتهجّد لهذا الكاتب، واعتبار أن ما يكتبه كلاما مقدسا، ووحيا يُوحى به من السماء إلى الكاتب؟”. وعاد الغيطاني إلى محاولة أحلام والعديد من الجزائريين الذين يحبون ما تكتبه الدفاع عنها بمنطق مغلوط؛ أو توجيه النقد إليها هو من قبيل التعدي على الأدب والفن الجزائري بالكامل، مضيفا: ”هل تُمثل مستغانمي الجزائر بكاملها، وهل يمكن اختصار تاريخ الجزائر بالكامل، وأدبها، وفنها في شخص مستغانمي فقط”. واستغرب الغيطاني في مقاله الهجوم الذي تعرض له كل من الروائيين سمير قسيمي وعبد الوهاب بن منصور، حينما اتفقا على ما ذهبن إليه في كتابة مستغانمي، مضيفا بأن أحدهم قال: ”لو كان هذا النقد من جزائري كان من الممكن تقبله، أما أن يأتي من مصري فهذا غير مقبول”، كما تساءل أحدهم: ”هل من الممكن للغيطاني التعرض لكتابة علاء الأسواني أو غيره؟”، قائلا بأنه تناول كتابات الأسواني وغيره من الكتاب كثيرا؛ فليس هناك من هو فوق النقد ما دام قد ارتضى أن يكون كاتبا. واندهش الغيطاني من رد أحلام مستغانمي على مقاله حين قالت: ”كيف يمكن توجيه النقد لمن تحدثت عن الشهداء الجزائريين؟”، متسائلا: ”هل الحديث عن الشهداء في الجزائر يجعلها مقدسة؟ وهل هذا مبرر لأن نتقبل منها أي هراء من الممكن أن تقدمه لنا؟ وهل إذا ما كتب أي كاتب في عمله الروائي عن شهداء بلده فهذا بالضرورة لابد أن يمنحه من القداسة ما يجعلنا نتقبل أي هذاء يقدمه؛ لأنه بالحديث عن الشهداء قد بات إلهيا؟ وهل جعلته الكتابة عنهم مناضلا عظيما في حين أن مستغانمي لم تعش في الجزائر قدر ما عاشت في فرنسا؟” مضيفا: ”وماذا عن الطاهر وطار حينما كتب روايته ”اللاز”، هل قال إنه تحدث عن تاريخ الجزائر وشهدائها وبالتالي لا يمكن التعرض له بالنقد؟ وهل يمكن قياس كل ما كتبته أحلام برواية واحدة مما كتبه وطار، أو آسيا جبار؟ وقال الغيطاني أن المدهش أن مستغانمي التي لا تتقبل أن يقربها النقد من قريب أو بعيد، هي نفسها من توجه النقد بشكل مشوه سيكولوجيا للشاب خالد الذي يكاد أن يكون أيقونة جزائرية وعربية بالفعل، فهي يسوءها وصول الشاب خالد إلى النجومية العالمية بسبب أغنيته الشهيرة ”دي دي” في حين أنها الكاتبة التي كتبت مخطوطها ”ذاكرة الجسد” الذي بلغ أربعمائة صفحة لم تصل إلى شيء من نجومية الشاب خالد، مضيفا بأن الكاتبة رأت في المقال الذي كتبه تطاولا عليها وهي التي تتطاول على أيقونة فنية حقيقية يحترمها الجميع، وترى أن في مظهره ما يمكن أن يسمح لها بالنقد، في حين أنه سخرية وتطاولا حقيقيا عليه.