أعدت مديرة الغابات لولاية باتنة، مخططا تقنيا لإعادة تأهيل وتثمين شجرة الفستق الأطلسي، حيث انتهى مكتب الدراسات التقنية للمناطق الفلاحية المعروف باسم بنيدير من وضع مشروع لمخطط تقني لتوسيع هذه الشجرة، والإكثار منها على مدى السنوات العشرة القادمة في المناطق الجبلية وفي الجهات الشرقية للولاية، وفي كامل البديات الواقعة في الجهتين الجنوبية والجنوبية الغربية، والتي تعرف مند الثمانينات جفافا غير مسبوق. يرتكز المخطط الغابي لبنيدير على الإكثار من مشاتل هذه الشجرة وغرس ما يمكن غرسه من الشجيرات ذات القدرة الفائقة علي النمو والتكاثر في ظروف مناخية وجيوفيزيائية تلائم خصوصياتها النباتية والطبيعية، وكذلك توفير العوامل البشرية والتقنية المساعدة على تجسيد هذا المخطط في الواقع العملي، بعيدا عن الجانب النظري الذي غالبا ما يجانب الحقيقة. وفي هذا السياق يقترح المخطط توفير مشاتل ولو صغيرة ومحدودة من الناحية الجغرافية لإجراء التجارب والخبرات التقنية وتنويعها في الجهات الأربعة للولاية، واختيار البلديات التي كان لها دور حيوي في غرس هذه الشجرة في الثلاثينات كمرحلة أولى للانتقال في ما بعد لتشجيع الخواص على إنشاء مشاتل تابعة لهم متخصصة في الفستق الأطلسي المعروف باسم ”البيسطاش”. وأقامت مديرية الغابات ضمن هذا المسعى ملتقى وطني الأسبوع الماضي بالمعهد الوطني للغابات بطريق تازولت، بمشاركة تقنيين من المعاهدالوطنية المتخصة في الأشجار الغابية خصصته للتعمق في الجوانب التقنية والإنتاجية للفستق والإمكانيات الاقتصادية المتاحة والقابلة للتجسيد، وهذا لتدعيم مسعاها في إعادة الشجرة إلى دائرة الاهتمام المحلي الرسمي والشعبي والتعريف بقيمتها الاقتصادية وبمردودها الأكيد. ومن المتعارف عليه أن الفستق شجرة نادرة لا توجد إلا في مناطق قليلة في العام وبالتحديد في إيران وفي زاغروس في إقليم كردستان العراق وفي دول المغرب العربي الثلاثة الجزائر وتونس والمغرب، وهي شجرة تتأقلم مع كل الظروف والعوامل الطبيعية الإيجابية والسلبية، وتقاوم الجفاف والتصحر وندرة المياه الباطنية والرياح العاتية ويتراوح عمرها بين المائتين وخمسين سنة إلى الثلاثمائة سنة، وتعطي مردودا يصل إلى عشرين كيلوغراما للشجرة الواحدة. ويلقى ”البيسطاش” رواجا كبيرا في غالبية دول العالم ويباع بأسعار مرتفعة ومضمونة، خاصة في أوروبا وأمريكا. ويوجد الفستق الأطلسي في بلديات قليلة في ولاية باتنة، منها المعذر وتيمڤاد وبيطام وغسير وبوزينة، وقد اختيرت بلدية المعذر لإنشاء مشتلة نموذجية لزراعة الأنواع الجيدة من هذه الشجرة، بمشاركة تقنيين من المعهد الوطني للغابات ومن المعاهد المتخصصة بجامعات الوطن التي ستظل وفق مخطط بنيدير تراقب نمو الشجرة مند اللحظة الأولى التي تغرس فيها إلى غاية نموها بصفة كلية. كما يشرف التقنيون على عمليات تطعيم وتلقيم الأشجار البرية الموجودة في الغابات ومزاوجتها مع الأشجار التي يتم غرسها في مشتلة المعذر، ليكون الإنتاج قويا ومضمونا ويكون قد نما في ظروف جيدة. وقد بينت الأبحاث الزراعية والدراسات العلمية أن الفستق الأطلسي له استعمالات مزدوجة، إذ يعد نبتة فلاحية وصناعية في آن واحد، فهو يحتوي على زيت ثمين جدا يستعمل حاليا في دول العالم في مكافحة الأمراض الجلدية والتنفسية وفي مجالات صناعية عديدة إضافة إلى الميدان الزراعي. وتواجه زراعة الفستق التي يمكن اعتبارها أنها أصبحت حديثة العهد في الولاية، جراء الإهمال والتجاهل الذي طالها سنوات عديدة من عراقيل وصعوبات جمة يوجزها عزالدين، المشرف على هده الشجرة بمديرية الغابات في نقص اليد العاملة المؤهلة لزراعة الشجرة، وتقليمها وقطفها وغرسها وفي قلة المشاتي التابعة للقطاع العام والمشاتي التي يقيمها الفلاحون في البلدية. كما أن أنواع الفستق المعروفة، وهي الصفاقسي والعاشوري والتيمڤادي قليلة في بلادنا. ويتطلب الأمر البحث عنها بدقة لأنها الضمان الوحيد لإعادة الشجرة إلى ميدان الإنتاج الفعلي والعملي، والارتكاز عليها لتوسيع الشجيرات التي يتم غرسها في المشاتل.