استعرت الأزمة مجدداً، يوم أمس، بين نقابة الصّحافيّين المصريّين ووزارة الداخلية المصرية، تزامنا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، على خلفية مداهمة رجال الشّرطة مقرّ النقابة وسط القاهرة، واعتقالهم صحفيّين اعتصما بها بعد أن أصدرت النّيابة العامّة بحقهما قرار توقيف بتهمة التّحريض على التّظاهر. وانطلقت، صباح أمس، مسيرة شارك فيها مئات الصحفيين وأعضاء النقابة، وعدد من رؤساء تحرير الصحف القومية، والحزبية، مرتدين أثواب الحداد، مكتوب عليها ”الصحافة ليست جريمة”، ومرددين هتافات مناهضة لوزارة الداخلية، تنديدا باقتحام مبنى النقابة، أغلقت خلالها قوات الشرطة جميع مداخل ومخارج النقابة الصحفيين بالمدرعات وبرجال الشرطة. وكان يحيى قلاش نقيب الصحفيين، قد دعا أعضاء الجمعية العمومية للمشاركة فى اجتماع أمس، دفاعًا عن كرامة النقابة والحفاظ عليها، إثر واقعة الاقتحام وطالب بإقالة مجدي عبد الغفار، وزير الداخلية. وقال قلاش للصحافة، إن مجموعة من 50 فردا من قوات الأمن اقتحمت مقر النقابة وألقت القبض على الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا، مضيفا أنّ الواقعة الاقتحام تحدث لأول مرة في تاريخ النقابة، وأنّ الداخلية لم تبلغها بالإجراء. ويرأس عمرو بدر موقع ”بوابة يناير” الإلكتروني المعارض لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، أما محمود السقا فيعمل صحفيا في نفس الموقع. وجاء هذا الاقتحام بعد موجة من العنف والاستهداف، طالت نقابة الصحافيين منذ فتحها أبوابها للمتظاهرين والرافضين قرار التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية في جمعة ”الأرض والعرض”. وأصدر النائب العام المصري، يوم الثلاثاء، قرارًا بحظر النشر في قضية ”اقتحام نقابة الصحفيين”، وهدد بمعاقبة نقيب الصحفيين في حالة ثبوت تورطه في التستر على المتهمين. رسالة إلكترونية تصل بالخطأ للصحافيين تفضح الداخلية وكشفت رسالة بالبريد إلكتروني أرسلت خطأ للصحافيين من وزارة الداخلية الطريقة التي تنوي الوزارة التعامل فيها مع الأزمة، ما شكل إحراجا كبيرا للوزارة. واشتملت هذه الرسالة على مذكرة بشأن التعامل الإعلامي مع الواقعة. وتضمنت المذكرة نصائح بأن يكون ”للوزارة موقف ثابت وأن لا يتم التراجع عن هذا الموقف الآن، لأنّ التراجع يعنى أن هناك خطأ قد حدث وبالتالي لو كان هناك خطأ فمن المسؤول ومن يجب محاسبته؟”، وكذلك ”الاستعانة ببعض الخبراء الأمنيين من ألوية الشرطة المتقاعدين والتنسيق مع بعض البرامج لاستضافتهم وشرح وجه نظر الوزارة في الواقعة”.وتضمنت المذكرة أيضا تأكيد محاولة ”كسب تأييد الرأي العام لمواجهة النقابة وذلك من خلال الترويج، لأن النقابة تسعى إلى أن تكون فوق القانون لا يمكن محاسبة أعضائها”. وحلت مصر في المرتبة الثانية بعد الصين على قائمة الدول التي تسجن صحافيين في العالم، بحسب تقرير للجنة حماية الصحافيين الدولية التي أحصت 23 صحافيا مسجونا في مصر بنهاية ديسمبر 2015. وطالب الاتحاد الأوروبي، الحكومة المصرية، بإطلاق سراح الصحفيين معربا عن قلقه حيال اقتحام قوات الأمن مقر النقابة. وأوضح بيان صادر عن مكتب الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، الاثنين، أن ”العمل المذكور يشكل استمرارا لتوجه يقيّد مجال المنظمات المدنية وحرية التعبير”. ولفت البيان، إلى أن ”ضمان حرية التجمع والصحافة، واحترام الأصوات المعارضة السلمية، أمر أساسي في الديمقراطية”، داعيا إلى ”صياغة القانون المنظم للتظاهر، بما يتوافق مع الدستور المصري”.