فجأة وبدون سابق إنذار تغير خطاب وسائل الإعلام المصرية، الرسمية وشبه الرسمية، مثل الأهرام، الأخبار، والجمهورية، التي كانت على الدوام صوت النظام، حيث نشرت أخبار الانتفاضة التي أهملتها منذ البداية، عندما كانت تركز على المسيرات المؤيدة لمبارك، واصفة إياها ب"الملايين يخرجون لتأييد مبارك"، في حين كانت تصف التظاهرات المليونية المطالبة برحيل مبارك ب "عشرات المتظاهرين"، ولكن ومنذ يوم أمس تغير كل شيء، حيث أصدرت الأهرام ملحقا اسمه "ملحق شباب التحرير"، والذي وزع في ميدان التحرير، وحمل عنوان "عيشوا كراما تحت ظل العلم". في نفس الوقت تظاهر العاملون في التلفزيون الحكومي ضد قياداتها، التي اتهموها بالفساد والعمالة للنظام، كما تظاهر العاملون بمؤسسة "روزا اليوسف" أمام مقرها في شارع القصر العيني، مطالبين بإقالة رئيس التحرير عبد الله كمال، القيادي بالحزب الوطني الحاكم، في الوقت الذي نظم فيه العاملون بمؤسسة الأهرام مظاهرة للمطالبة بإقالة عبد المنعم سعيد، رئيس مجلس الإدارة، وأسامة سرايا رئيس التحرير، متهمين إياهما بالفساد ومطالبين بمحاسبتهما. في ميدان التحرير طرد المتظاهرون عددا من الإعلاميين ومنعوهم من دخول الميدان، من بينهم لميس الحديدي، التي تقدم برنامج "من قلب المصري" في التلفزيون الحكومي، متهمين هذا التلفزيون بتضليل الشعب، كما منعوا نقيب الصحافيين مكرم محمد أحمد من دخول الميدان، بالإضافة إلى الإعلامية في قناة دريم منى الشاذلي، والإعلامي عمرو أديب، بالإضافة إلى خيري رمضان. وفي نقابة الصحافيين منع الصحافيون المعتصمون منذ بداية الانتفاضة نقيب الصحافيين المصريين، مكرم محمد أحمد من دخول المبنى، وكان الصحافيون قد هتفوا ضد النقيب "يسقط القاتل"، خلال تشييعهم لجنازة الصحفي أحمد محمد محمود، الذي أصيب بطلق ناري خلال تغطيته لأحداث ميدان التحرير، وتمكن الصحافيون حتى الآن من جمع 150 توقيعا لعقد اجتماع طارئ للجمعية العمومية، لسحب الثقة من النقيب، وكان مكرم محمد أحمد قد تبرأ من الصحافيين في بداية الانتفاضة، عندما اعتصموا بمقرها، وطلب من قوات الأمن التدخل، حيث حاصرت النقابة واستخدمت ضد الصحافيين القنابل المسيلة للدموع. وفي بيان وقع عليه 503 إعلاميا أعلنوا فيه برأتهم من تغطية الإعلام الرسمي للانتفاضة، وأكدوا أنها تنطوي على "تزوير وتدليس، وكذب وافتراء وتشويه متعمد وساذج لصورة الشعب المصري"، وطالب الموقعون ب "وقف أكاذيب الإعلام الرسمي والاعتذار عنها، وإيقاف المسؤولين عنها ومحاكمتهم بتهمة تزييف الواقع وخداع المصريين". في الوقت الذي طالبت فيه 24 منظمة حقوقية من النائب العام، محاكمة وزير الإعلام أنس الفقي، وتحميله مسؤولية مقتل 11 شخصا، وإصابة 819 آخرين، كما طالب 200 من المثقفين بمقاضاة وزارات الثقافة، الإعلام، والداخلية على "الجرائم والانتهاكات التي تعرض لها مثقفون وفنانون طوال حكم مبارك، واقترحوا إعداد كتاب أسود يكشف هذه الممارسات.