وافق مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الثلاثاء بالإجماع على مشروع قانون من شأنه تحميل السعودية مسؤولية هجمات الحادي عشر من سبتمبر2001. وينتظر أن يحال مشروع القانون إلى مجلس النواب للتصويت عليه، كما سيحتاج تطبيقه لتوقيع الرئيس باراك أوباما. ويسمح المقترح لأسر ضحايا الهجمات بمتابعة سعوديين قضائيا إذا تبين ضلوعهم في دعم الهجمات في المحاكم الأمريكية. يذكر أنّ مشروع القانون صاغه السناتور الديموقراطي شاك شومر ونظيره الجمهوري جون كورنين، وقد أعلن المرشحان الديمقراطيان للانتخابات الرئاسية الأمريكية هيلاري كلينتون وبرني ساندرز دعمهما للخطوة. وسبق لمسؤولين أمنيين في الولاياتالمتحدة اتهام السعودية بالضلوع في التفجيرات بحكم أن أغلبية المتورطين فيها يحملون الجنسية السعودية، كما جرى الحديث عن تورط أمراء سعوديين في تمويل متطرفين بمن فيهم الملك سلمان. ففي أوائل العام 2005، رفع أقارب ضحايا الهجمات ثماني قضايا أمام محكمة فيدرالية في مانهاتن اتهموا فيها الحكومة السعودية ومؤسسة أعمال خيرية تدعى: المفوضية العليا السعودية لإغاثة البوسنة والهرسك الذي كان يترأسها وقتذاك الأمير سلمان قبل توليه عرش المملكة، ومصرفي سعودي وأربع أمراء سعوديين، هم الأمير سلمان (العاهل السعودي) والأمير تركي الفيصل (رئيس جهاز الاستخبارات الأسبق)، والأمير بندر بن سلطان (رئيس سابق للاستخبارات)، إضافة إلى العديد من شخصيات دينية بارزة، بالتورط في الهجمات بعدما ظهرت أسماؤهم على قوائم المتبرعين لتنظيم القاعدة، وطالبوهم بتعويضات. وأسفرت الهجمات عن مقتل قرابة ثلاثة آلاف شخص، أغلبيتهم الساحقة ممن كانوا متواجدين في برجي مركز التجارة العالمي. ونفى المسؤولون السعوديون علاقتهم بالهجمات، ولكن 15 شخصا من ال19 الذين نفذوا الهجمات سعوديين. وتتزامن مصادقة مجلس الشيوخ على مشروع القانون وحالة التوتّر والغموض اللذان يسودان العلاقات الأمريكية السعودية، في السنوات الأخيرة، بسبب ملفات عدّة، أهمها الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، والحرب التي تقودها الرياض في اليمن، والحرب في سوريا، وتوافق أعضاء الكونغرس بشأن إساءة المملكة استخدام مساعد مبيعات الأسلحة الأمريكية، فضلا عن تجاهل الرياض للقيم الأمريكية لحقوق الإنسان لفترة طويلة. وتجلى ذلك في حوار أوباما مع صحيفة دي أتلنتيك أن المملكة السعودية قامت برعاية التطرف في العالم خلال الثلاثة عقود الماضية. وأعلن في الوقت ذاته، تغيير سياسة البيت الأبيض نحو حوار مع إيران. وذكرت ”نيويورك تايمز” الأمريكية، مؤخرا أنّ السّلطات السّعودية أبلغت إدارة أوباما أنها ستبيع مئات البلايين من الدولارات من أصول المملكة في الولاياتالمتحدة، إذا وافق الكونغرس على مشروع القانون. وأضافت الصحيفة بأنّ إدارة أوباما مارست ضغوطات كبيرة لمنع الكونغرس من تمرير مشروع القانون، ولفتت إلى أنّ وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، سلّم شخصيا رسالة المملكة إلى الإدارة الأمريكية، في مارس الماضي، خلال زيارته إلى واشنطن، حين قال للمشرعين أن المملكة ستضطر إلى بيع ما قيمته 750 بليون دولار من أصولها وأوراقها المالية بالخزينة الأمريكية قبل أن تتعرّض لخطر التجميد من طرف المحاكم الأمريكية. ونفت السعودية مرارا علاقتها بالهجمات. رفع الحصانة، سيعرض الأمريكيين أيضا للمحاكمة في مختلف أنحاء العالم وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست، في إفادة صحفية يومية، إن ”هذا التشريع سيغير قانونا دوليا قائما منذ أمد بعيد فيما يتعلق بالحصانة السيادية”. وأضاف إيرنست: ”لا يزال رئيس الولاياتالمتحدة يشعر بمخاوف جدية من أن هذا التشريع من شأنه أن يجعل الولاياتالمتحدة عرضة للخطر في نظام المحاكم الأخرى في مختلف أنحاء العالم”، لاسيما وأنّ القانون يدعو إلى رفع الحصانة عن جميع الدول، التي يشتبه بتورطها في أعمال إرهابية داخل الولاياتالمتحدة. وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، إن اعتراض بلاده على مشروع القانون يستند إلى مبادئ العلاقات الدولية. وأضاف الجبير في بيان الثلاثاء، أن ما يقوم به الكونغرس يلغي مبدأ الحصانات السيادية، الأمر الذي سيحول العالم من القانون الدولي إلى قانون الغاب. وقال المحامي البارز جيمس كريندلر الذي يمثل أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر والذي كسب تعويضات كبيرة لضحايا تفجير طائرة فوق مدينة لوكربي الأسكتلندية عام 1988 إنه يتوقع أن يقر مجلس النواب مشروع القانون، وأن يصبح قانونا في نهاية المطاف. وأضاف ”سيكون جنونا من أوباما أن يعترض على تشريع يحظى بتأييد الحزبين بفتح المحاكم الأمريكية أمام ضحايا أسوأ هجوم إرهابي في تاريخ الولاياتالمتحدة”.ونقلت وسائل إعلام أمريكية إنه لا توجد حاليا في الكونغرس خطط لتبني مشروع القانون. وكان أوباما صرّح لمجلة دي أتلنتيك الأمريكية أنه سيستخدم حق النقض الفيتو لمنع تحول المقترح إلى قانون؛ نظراً للمخاطر المحتملة على الأمريكيين العاملين في الخارج. واعتبرت المجلة أن موافقة مجلس الشيوخ مجرد خطوة صغيرة واحدة تقربه إلى أن يصبح قانوناً. ونقلت لشبكة ”ان بي سي نيوز” في وقت سابق حديث رئيس الكونغرس الأمريكي ”باول ريان” أن القضية بحاجة إلى مراجعة لتفادي ارتكاب أخطاء مع حلفاء واشنطن ونقلت عن مساعد للجنة القضائية بالكونغرس أن اللجنة تنوي عقد جلسة استماع للنظر في مشروع القانون من منظور مجلس الشيوخ في المستقبل القريب. وقالت الشبكة أن البيت الأبيض يعارض بشدة مشروع القانون، مؤكدا أنّ ذات القانون سينطبق على الأمريكيين إذ يمكن مقاصاتهم بشكل مشابه. وقال ”جوش إرنست” المتحدث باسم البيت الأبيض، إنّه يتعيّن على واشنطن أخذ في الحسبان تبعات المضي قدماً في تكريس التشريع، واصفا إياه بالخطير. وقال موقع ”ذي هيل” الأمريكي: إن البيت الأبيض هدد مجددا باستخدام الفيتو ضد مشروع، وأشار الموقع إلى صعوبة تصور توقيع الرئيس أوباما على هذا التشريع.وكان أوباما أكّد عشية زيارته الأخيرة للمملكة، معارضته لمشروع القانون. وقال في مقابلة مع شبكة ”سي بي أس” الأمريكية ”بالضبط، أنا أعارضه”. وأكد البيت الأبيض أن أوباما لن يتوانى عن استخدام الفيتو ضد مشروع القانون إذا ما أقره الكونغرس.