تسارع السلطة إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة 2017، عبر الفصل في مشاريع قوانين لغّمت الساحة الوطنية، ويبدو ذلك من خلال التوجه نحو تمديد الدورة البرلمانية الحالية إلى 23 جويلية القادم. ومن النادر حدوث تمديد دورات البرلمان، لكن التوجه نحو تمديد الدورة الربيعية لأسابيع أخرى يعكس وجود دافع قوي لدى السلطة في استكمال القوانين العضوية المتعلقة بالتعديل الدستوري، الذي تمت المصادقة عليه في فيفري المنصرم. ويتصدر مشروع قانون الانتخابات الجدل السياسي الحاصل، بعد أن عبرت أطياف المعارضة عن استغرابها من الإبقاء على قوائم تصويت أفراد الجيش، وإلزام الأحزاب التي حصلت على أقل من 5 بالمئة من الأصوات في آخر انتخابات بجمع توقيعات تزكية، مع أن دوائر الموالاة تروج لتنازلات يكون قد قدمها القانون. وفي نظر المراقبين فإن القانون التمهيدي العضوي المتعلق بنظام الانتخابات الذي صادق عليه مجلس الوزراء، يقصي عشرات الأحزاب المجهرية من الاستحقاقات التشريعية والمحلية بصفة مباشرة، وبخصوص الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، يبدو الفارق شاسع بين رغبات الموالاة والمعارضة، فالأولى تريد لجنة لتنظيم الانتخابات، بينما السلطة تفرض لجنة للمراقبة فقط مع احتفاظها بحق التنظيم، اذ تضم الهيئة بموجب الدستور 410 أعضاء، وتتكون من نصفين، النصف الأول يضم القضاة والنصف الثاني يتكون من المجتمع المدني، وفيما تشكيل النصف الأول لن يأخذ وقتا لوجود الخارطة القضائية ومعرفة حاجة كل دائرة انتخابية وتوفر الكفاءات، لكن يبقى التساؤل عن الآليات والشروط التي ستتبع في تشكيل النصف الثاني الذي يضم المجتمع المدني. وفي الشق الاقتصادي، يثير مشروع قانون الاستثمار جدلا سياسيا داخل البرلمان، بعد أن خفف من القيود على الاستثمار الأجنبي، والتخلي بموجبه عن قاعدتي حق الشفعة و51/ 49 اللتين فرضتهما على الأجانب. وتدعو الأحزاب المعارضة إلى سن النصوص التشريعية للتكيف مع الدستور الجديد ”بعيدا عن الحسابات الفئوية الحزبية الضيقة”، وهو ما ذهبت اليه النهضة بالدعوة إلى ”تحمل السلطة مسؤوليتها التاريخية في إصدار النصوص التشريعية الناظمة للحياة السياسية للتكيف مع الدستور الجديد بعيدا عن الحسابات الفئوية الحزبية الضيقة التي لن تزيد الوضع إلا تأزما واحتقانا”، كما حذرت من ”المخاطرة بالمزيد من التضييق على الحريات والإجهاز على ما تبقى من مكاسب الديمقراطية”.