بعد أغنية الراي والتي يحاول المغرب أن ينسبها إلى موروثه الموسيقي الشعبي، خصوصا بعد الصراع بين الجزائر والمغرب الذي طفا إلى السطح مؤخرا حول من يفرض أبوته على موسيقى الراي، حيث يحاول كل بلد تصنيف هذا النوع الموسيقي كتراث شعبي تابع لبلده، وتقدمت الجزائر بملف لهيئة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) من أجل تصنيف أغنية الراي ضمن التراث العالمي للبشرية، خرج أحد الباحثين من المغرب قائلا بان اغنية وموسيقى الشعبي تراث مغربي تحاول الجزائر نسبه إليها. ولم تستسغ المغرب خبر تقدم الجزائر بملف لهيئة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) من أجل تصنيف أغنية الراي ضمن التراث العالمي للبشرية، حيث قال عبد المجيد فنيش، الفنان المسرحي والباحث في مجال الفنون التراثية، أن تأكيد وزير الثقافة الجزائري تقدّم بلاده بطلب رسمي لتصنيف موسيقى "الرّاي" كموروث غنائي شعبي جزائري لدى منظمة "اليونيسكو"، بالإضافة إلى أكلة "الكسكس"، "تصرفات متأصلة وليست وليدة اليوم". وقال فنيش، في تصريح لإحدى الجرائد المغربية الموالية للمخزن، أن هذه الحملة التي تسعى إليها الحكومة الجزائرية وتخص تصنيف فن "الرّاي" وأكلة "الكسكس" ضمن الموروثات الإنسانية الجزائرية حملة قديمة، سعى خلالها عدد من المثقفين الجزائريين إلى إصدار كتب بتكاليف مالية باهظة تنسب فن الملحون المغربي إلى الجزائر؛ من بينها كتاب "أئمة الشعبي والحوزي الجزائري". وأوضح الفنان المغربي أن الكتاب تطرق لمن أسماهم "أئمة الشعبي" والمقصود ب"الشعبي" فن الملحون المغربي، وساق أسماء مغربية بحتة من قبيل عبد القادر العلمي والعربي المكناسي ومحمد بن علي ولد أرزين صاحب قصيدة "الشمعة" الشهيرة المُؤداة من لدن الفنان الحسين التولالي، على كونهم فنانين جزائريين، والواقع أنهم فنانون مغاربة، ويقول الباحث المغربي هذا الكلام الذي لا أساس له من الصحة. وتحامل المتحدث على الفنانين الجزائريين بالقول بأن عددا من عقلاء الجزائر، من الفنانين والمثقفين، صححوا هذه المغالطات وأوضحوا بين ما هو مغربي محض وبين ما هو جزائري، مشيرا إلى أنه قد يكون للجزائريين أثر علاقة بلحن فن الملحون؛ إلا أن الكلام والقصائد مغربية حَقة، مستطردا بالقول "للجزائريين شعراء مختصون في الملحون؛ لكنهم لم يصلوا بتاتا إلى إبداع الشعراء المغاربة"، وهو الأمر الذي لا أساس له من الصحة لكون الشعبي الجزائري من أعرق الأنواع الموسيقية في الجزائر وللجزائر التفرد ولمستها الخاصة على هذا الفن الذي نشأ في الجزائر. أما بخصوص وجبة "الكسكس"، استغرب والباحث في مجال الفنون التراثية من رغبة الجزائريين إضفاء الصبغة الجزائرية المَحضَة عليه، موضحا أن أصل التسمية أمازيغي أصله "أَكْسْكس" وأصلها فينيقي، لافتا إلى أن النصيب الأكبر من الأمازيغ في شمال إفريقيا يوجد في المغرب، فيما توجد نسبة قليلة جدا من الأمازيغ في الجزائر وهي المستقرة في منطقة القبائل، وهو الأمر الخالي من الصحة تماما لكون الأمازيغ موجودين في كل الجزائر وكل منطقة في الجزائر مشهورة بأكلة "الكسكسي". وتحول بعدها هذا الباحث المغربي للتهجم على وسائل الإعلام الجزائرية والتي في نظره تروج لما هو سطحي رغبة منها في التأثير على أحاسيس المغاربة، موقنا بأن "في الجزائر إعلاميين ومثقفين عقلاء يعترفون بفضل الثقافة المغربية على ثقافة شمال إفريقيا، وينصفون المغرب في غناه الثقافي وتنوعه ويرُدُّون الأمور إلى نصابها".