باتت قضايا الميراث والنزاعات بين أقرب المقربين في ما يمكن أن تتعدى العائلة الواحدة، ظاهرة تنخر كيان الكثير من العائلات وتهدد العلاقات الأسرية والاجتماعية، وتعدى الأمر لأن تكون السبب المباشر وراء عدة مجازر وجرائم بشعة، فتحولت من مجرد خلاف تنظمه أقسام شؤون الأسرة على مستوى المحاكم الجزائرية لقضايا جنائية تحتضنها محاكم الجنح وحتى الجنايات، بعدما استوطن الطمع والجشع في قلوب بعض الناس، ولم تعد ترضى لا بقسمة الشرع ولا القضاء فارتكبوا بذلك أبشع الجرائم في حق ذويهم وأقرب الناس لهم، ضاربين عرض الحائط صلات الرحم والروابط الأسرية، ليتحول بذلك الميراث من حق إلى سلاح فتاك يهدد البنية التحتية للمجتمع الجزائري. كثيرة هي القضايا التي تقف فيها العائلة الواحدة أمام قضاة الجنح والجنايات ويقف فيها الأقارب أندادا وكأنهم أعداء منذ الأزل، على خلفية نزاع الميراث لتحتل هاته القضايا ودون أي مبالغة الصدارة في أقسام الجنح والجنايات. وما يسعنا هنا سوى الوقوف على بعض الحالات التي عاشتها بعض المحاكم. كهل يذبح ابن شقيقه ويحرق جثته لإزاحة نصيبه من الميراث أول قضية هي حالة شبيهة برواية بوليسية منتقاة من وحي واقعنا لشخص انعدمت عنده كل مشاعر الإنسانية وارتكب جريمة أقل ما يقال عنها مجزرة في حق ابن شقيقه، بعدما أزهق روحه بطريقة بشعة لا يتصورها عقل بشر دون أي ذنب ارتكبه سوى أنه كان عائقا له في الميراث، فأراد إزاحته ليستولي لوحده على الميراث الذي لم يكن سوى شقة بأحد الأحياء الشعبية بقلب العاصمة، فقام بعد عدة سنوات من التخطيط والتفكير التي قضاها على أرض المهجر بتنفيذ خطته الجهنمية في التخلص من هذا الشاب الذي لم يكمل آنذاك سن ال 27، فتوجه بيوم الوقائع لأحد الأسواق بمنطقة عين البنيان واقتنى أداة الجريمة بمبلغ 200 دج، وهو سكين من الحجم الكبير مع كافة مستلزمات الجريمة الشنيعة، بما فيها فرن وحطب والغاز وقام بنقلهم لسطح العمارة، ثم تسلل بحلول الظلام إلى غرفة الضحية عبر شرفة المنزل، أين كان حينها غارقا في النوم ووجه له حوالي 6 طعنات عبر كافة أنحاء جسده كانت كفيلة لإزهاق روحه. وبعد ذلك قام بجر الجثة لغاية سطع المنزل أين قام بإدخالها للفرن وحرقها لطمس كافة آثار الجريمة إلى غاية أن تحولت إلى رماد، وقام بالتخلص منه ومن بقايا العظام في مزبلة الحي، قبل أن يتم اكتشاف أمره بعد أن تفطن له أبناء الحي بعد أن كان يخطرهم بنيته في التخلص من الضحية، ليتم بذلك تحويله على محكمة الجنايات التي حاول بالتظاهر أمامها بالجنون. لتقضي عليه بالإعدام بعد تفطنها لخدعته من خلال تقارير الأطباء التي أكدت سلامته العقلية. شاب يذبح خالته ويلف جثتها في بطانية لاستيلائها على ميراثهم جريمة أخرى لا تقل بشاعة عن الجريمة السابقة لشاب في العقد الثاني من العمر أزهق روح خالته ذات الخمسين ربيعا بمنطقة بلوزداد في العاصمة في أحد أيام شهر رمضان الكريم، فقام بطعنها بسكين إلى أن لفظت آخر أنفاسها وترك جثتها في المنزل لحين تعرضها للتعفن على خلفية مشكل الميراث الذي كان يجمعها مع والدته وأشقائها، أين قامت المجني عليها، حسب ما أكده الجاني في معرض تصريحاته بالإستيلاء على ميراث جميع الإخوة، بمن فيهم والدة المتهم، حيث قامت بالإستحواذ على الشقة وغيرها من النقود التي استغلتها في عقد قرانها على شاب يقلها عمرا بحوالي 15 سنة، أحضرته للعيش رفقتها بهذه الشقة، الأمر الذي زرع ضغينة بين الأشقاء والمجني عليها، التي كانت تحاول في كل مناسبة إعادة ترميم علاقتها مع أشقائها، بما فيها محاولة مساعدة الجاني ووالدته على بيع شقتهما، وهو سبب تقدم المتهم من منزلها بيوم الوقائع أين كانت بمفردها، حيث كان زوجها في زيارة لعائلته بولاية سطيف، والذي جر عنه دخول الطرفان في مناوشات كلامية انتهت بحمل المتهم لسكين طعن به الضحية عدة مرات بطريقة بشعة لحين أن لفظت أخر أنفاسها، ثم قام المتهم بحمل الجثة التي كانت مشوهة ووضعها في بطانية وأخفاها في غرفة نومها وغادر الشقة بعد أن أخفى كل دلائل الجريمة. لتبقى الجثة أسبوعين وهي داخل الشقة، أين تعفنت بالكامل وانبعثت منها روائح كريهة انتشرت في محيط العمارة وتسببت في إزعاج كافة السكان الذين حاولوا اقتحام الشقة للكشف عن سبب الروائح. ولدى عجزهم عن الأمر استنجدوا بعناصر الشرطة التي اقتحمت المكان واكتشفت الجثة وهي في حالة تعفن متقدمة. لينكشف بذلك الفاعل بعد رفع بصماته من كامل الشقة، حيث اعترف لدى مثوله أمام جهات التحقيق بما نسب له من جرم. لتبقى القضية مبرمجة في إحدى الدورات الجنائية القادمة. شابان وفتاة يهددان والدتهما بالقتل والحرق لرفضها تقسيم التركة لم تتصور عجوز في أواخر العقد السابع من العمر أن وقوفها بين يدي القضاء ودخولها لأروقة المحاكم سيكون على يد أبنائها وفلذات كبدها بسبب الميراث، بعدما هددوها بالقتل والحرق، حيث صرحت الضحية بمثولها للمحاكمة والدموع تذرف من عينها، أن أولادها هددوها بالقتل والحرق إن استمرت في التمسك بموقفها الخاص برفضها تقسيم الميراث. كما أشارت الضحية على لسان دفاعها بعد عجزها عن مواصلة الإستجواب، أن الموقف الذي تعرضت له بيوم الوقائع ليس الأول من نوعه، وأنها تعرضت عدة مرات لتهديدات سابقة من طرف ابنها وابنتها على حد سواء إلى أن بلغت درجة التعدي التهديد بالقتل، وهو الأمر الذي عاشته يوم الوقائع لدى تقدم ابنها مرفقا بإبنائه من منزلها وطلب منها العدول عن موقفها في رفض تقسيم الميراث بعد مشادات كلامية كبيرة، هددها رفقة أبنائه بالقتل وحرق المنزل وهي بداخله، لتجد نفسها مضطرة لوضع حد للأمر بوضعه بيدي العدالة وتقييد شكوى أمام محكمة الحراش، التي من جهتها تابعت هذا الأخير رفقة أبنائه بتهمة بالتهديد بالقتل والسب، حيث تنازلت الضحية بعد سردها للوقائع عن طلباتها المدنية الخاصة بالتعويض المالي واكتفت ب1 دينار رمزي فقط. ليطالب ممثل الحق العام في ظل ما سلف ذكره تسليط عقوبة 6 أشهر حبسا نافذا وغرامة 20 ألف دج في حق المتهمين الغائبين عن جلسة المحاكمة. .. وآخر يقذف والدته بالزانية بسبب الميراث من بين القضايا الخطيرة التي تعكس لنا موضوع الحال.. حالة عاشتها محكمة الجنح لشاب ملتح في العقد الخامس من عمره قام بطعن والدته العجوز في شرفها وقذفها بأنها زانية بسبب مشكل الميراث، أين قررت حينها والدته البالغة من العمر 70 سنة وضع الأمر بين يدي القضاء لتقف أمام محكمة الجنح ضد فلذة كبدها، أين أكدت حينها من خلال نبرة صوتها الضعيف والدموع تغطي تعاليم وجهها أن مشكل الميراث هو الذي زرع الضغينة والكره في نفسية فلذة كبدها وجعله يتخطى كل الخطوط الحمراء، التي كان آخرها ما شهدته على يده بيوم الوقائع المصادف ليوم 13أكتوبر 2015، أين دخل حينها المتهم بمشادات كلامية مع شقيقه بسبب طليقته التي كان يخبأها داخل المنزل. ولدى تدخلها لفك النزاع قام المتهم بطعنها بشرفها بكلام جارح متهما إياها بالزنا، وهو الأمر الذي لم تتقبله وقامت على إثره بتقييد الشكوى الحالية، حيث أنكر المتهم من جهته الأمر وأكد أن الدعوى الحالية دعوى كيدية لفقتها له والدته الضحية لحرمانه من نصيبه من الميراث بعد أن نجحت في تفريقه عن زوجته. أحفاد المجاهد بوشارب يحيى يتهمون شقيقتهم بالإستيلاء على التركة على الرغم من خطورة الجرائم التي سبق لنا ذكرها من حيث أنها جنايات وأن فيها أرواحا مزهقة، توجد قضايا لا تقل خطورة عن تلك من ناحية وقوف العائلة الواحدة كأنداد أمام هيئة المحكمة، منها قضية أحفاد المجاهد والعقيدبوشارب يحيى، الذين وقفوا أمام هيئة محكمة بئرمرادرايس في قضية الإستيلاء على التركة، أين قام الشقيقان المغتربان بفرنسا بمتابعة شقيقتهما المقيمة بالجزائر، وهي ممثلة قانونية، حول قيامهما بالإستيلاء على حقهما في الميراث عن طريق وكالة حرراها لها بعد وفاة والديها خلال سنة 2009 واتهموها بالإستيلاء على أموالهما وتحويلها لرصيدها البنكي، واتهمتهم من جهتها بجلسة المحاكمة ردا على هذا الإتهام بأنهما مسيحيان ولا يحق لهما الإستفادة من الميراث. وقد أكد الضحايا في الجلسة العلنية أن شقيقتهم قد استولت على التركة بموجب وكالة أوهمتهم بأنها من أجل إعداد "الفريضة " لتقاسم ممتلكات المرحوم، بما فيها عدد من العقارات ومبلغ محترم بالعملة الصعبة تفوق قيمته 111 ألف أورو، أي ما تعادله قيمته بالعملة الوطنية 1مليار و500مليون سنتيم، في وقت كانت تستغلها لسحب مبالغ مالية بالعملة الصعبة من حساب والدها المرحوم لحسابها بالعملة الصعبة المتواجد ببنك "سوسيتي جنيرال " بوكالة وادي حيدرة، حيث قامت بتاريخ 27 أكتوبر 2010 بتحويل جزء من حصة الشقيق المقدرة ب 37 ألف أورو إلى حسابها الخاص، وبعدها سحبت مبلغ بقيمة 18 أورو من حساب شقيقتها. كما قامت أيضا بتحويل مبلغ 20 ألف أورو لوالدتها، ناهيك عن قيامها بتغيير أقفال منزلهما المتواجد بالأبيار وحرمانهم من حقهم في استخراج الوثائق، بعدما استولت على الدفتر العائلي وحرمتهم من حيازته مع إستيلائها على عائدات إيجار محلين تجاريين، بعدما رفعت ضدهما دعوى في قسم شؤون الأسرة لحرمانهما من الفريضة بحكم أنهما مسيحيان ولا يدخلان في ورثة أبيها المسلم، أين طالب لها ممثل الحق العام بتسليط عقوبة 18 شهرا حبسا نافذا وغرامة بقيمة 50 ألف دج. كهل يتابع أشقائه الثلاثة بعد هدمهم شقته قضية أخرى احتضنتها محكمة الجنح بالعاصمة، لكهل في العقد الخامس من العمر قام بمتابعة أشقائه الثلاث في العقد الرابع والخامس من العمر أمام محكمة الجنح بتهمة التحطيم العمدي لملك الغير، على خلفية قيامهم بهدم شقته التي خصها به والده في حقه من الميراث، بعدما أسالت لعابهم لمساحتها الواسعة، وجعلته محل مطاردة منهم بعدما قاطعوه نهائيا لدى رفضه هدم الشقة وبناء شقتين بدلها، وخذلتهم الأحكام القضائية التي كانت لصالحه في جميع الدعاوى التي رفعوها ضده في القسم العقاري، أين اهتدوا بذلك المتهمين لهدم الشقة بأنفسهم دون موافقة من مالكها، حيث قاموا بترصد غياب الضحية لدى توجهه في مهمة عمل لولاية بجاية لمدة أسبوع وقاموا بهدم الشقة بصفة كاملة. ليقوم الضحية بعد عودته بطرح القضية أمام أروقة المحكمة ومتابعة أشقائه بالتهمة سالفة الذكر، التي أنكروها بمثولهم للمحاكمة وتمسكوا جميعا أن الشقة ليست من حق الضحية، وهو الذي استولى عليها بطرق احتيالية، مع رفضهم التام وكرد على تدخل قاض الجنح الرضوخ لقرارات المحكمة الإدارية التي أنصفت شقيقهم الضحية ليطالب لهم ممثل الحق العام تسليط عقوبة عام حبسا نافذا وغرامة 20 ألف دج.