يزور رئيس الوزراء الفرنسي، برنار كازنوف، الأربعاء المقبل الجزائر، حيث ستهيمن قضايا الاقتصاد ومكافحة الإرهاب في الساحل وجهود حل الأزمة الليبية على المشاورات بين البلدين. وقالت أوساط فرنسية، أمس أن كازنوف، سيلتقي الوزير الأول عبد المالك سلال، وسيشيد بتحسن العلاقات بين البلدين التي شهدت توترا في ولاية الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وباتت ”ممتازة” في عهد فرنسوا هولاند وفق ما نقلت وكالة فرنس برس، وأضافت أن ”زيارة الجزائر ستطغى عليها الموضوعات الاقتصادية والصناعية”. وتأتي زيارة كازنوف الذي سيكون مصحوبا بوفد وزاري كبير إلى الجزائر التي تحتضن الدورة الرابعة للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية الفرنسية، على نقيض ما كان مقررا في البيان الختامي للدورة السابقة، التي أعلنت عن عقد الدورة القادمة بباريس. إذ يرتقب أن يحل وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي ووزيرة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث، ووزير الفلاحة والصناعة الغذائية والغابات ووزير الشؤون الاجتماعية والصحة، وكتاب دولة آخرون. ويرمي كازنوف بكل ثقله خلال زيارة الجزائر، لتعزيز العلاقات الاقتصادية أكثر أمام المد الصيني وحديث دوائر فرنسية حول التوجه الأمريكي المتزايد إلى الجزائر. وفي هذا الصدد، أشارت صحيفة ”موند أفريك” الفرنسية إلى تعيين عبد المؤمن ولد قدور على رأس سوناطراك، وهو الشخصية المثيرة للجدل، بمنصب الرئيس التنفيذي سابقا في مؤسسة BRC، وهي مؤسسة جزائرية أمريكية، وفرع تابع لسوناطراك وشركة هاليبرتون الشهيرة. وضمن هذا التوجه بحسب الصحيفة دخلت الجزائر في مواجهة مع شركة توتال الفرنسية والتفاوض على اتفاق شامل مع الدول الأخرى المنتجة للنفط أثناء قمة كبرى انعقدت في الجزائر في نوفمبر 2016. وزعمت الصحيفة الفرنسية أن شكيب خليل وزير الطاقة الأسبق الذي كان سببا في عودة ولد قدور، ناضل على الدوام لإخراج الجزائر من نفوذ فضاء الأورو، والتوجه إلى فضاء الدولار، يقف الآن وراء التوجهات الجديدة المطالبة بتقييد الواردات، التي من شأنها أن تخفض الصادرات من فرنسا وأوروبا. وموازاة مع ذلك، منحت الجزائر مشاريع كبرى للشركات الأمريكية، في ظل تسارع وتيرة زيارات العمل للمسؤولين الجزائريين إلى الولاياتالمتحدة منذ 2016. وتابع التقرير الفرنسي أن التبادلات الاقتصادية بين الولاياتالمتحدةوالجزائر اتخذت فعلاً بعداً جديداً منذ زيارة سلال في نهاية مارس 2016 إلى واشنطن، حيث التقى بعدة قادة لمجموعات أمريكية كبرى مثل رئيس أناداركو، آل ووكر، أول منتج خاص للنفط في الجزائر، القائم على تطوير حقول نفط في حاسي بركين وأورحود والمرك، الواقعة في حوض بركين في إليزي. كما استقبل أيضاً الرئيس التنفيذي لشركة أنظمة فاريان الطبية، داو ويلسون، الرائدة عالميا في مجال العلاجات وبرامج علاج الأورام بالإشعاع (علاج السرطان)، وعززت الشركة الأمريكية وجودها في الجزائر لدى توقيعها في 2014 على اتفاقية شراكة إستراتيجية في مجال العلاج الإشعاعي مع وزارة الصحة. وقد وعد رئيس مجلس الشؤون الجزائريةالأمريكية سماعين شيخون القادة الجزائريين أنه بفضل استثمارات الولاياتالمتحدة، لن تكون الجزائر في حاجة إلى استيراد الغذاء من الخارج ابتداء من ست أو سبع سنوات. وشددت الجريدة الفرنسية أنه بعد خيبة أملهم من قلة تعهد والتزام فرنسا والازدراء الذي تعرضت له الجزائر من أوروبا، غيرت الجزائر وجهتها، لتنظر ما وراء المحيط الأطلسي على أمل العثور أخيراً على الطريق الصحيح لتحقيق تنميتها. وفي الملف الأمني تضغط باريس على الجزائر لدور أكثر فعالية في جهود إحلال السلام في ليبيا، تجنبا لتفاقم الوضع الأمني ودخول البلاد في حرب أهلية، وهو ما عبر عنه وزير خارجية فرنسا، جون مارك إيرولت، الخميس الماضي في اتصال هاتفي مع نظره الجزائري رمطان لعمامرة من قلقه إزاء الأوضاع في العاصمة طرابلس ومنطقة الهلال النفطي، مؤكدا أن المؤسسة الوطنية للنفط ب”رئاسة مصطفى صنع الله، هي وحدها من تقوم بتصدير النفط”، وأن الحل السياسي والمصالحة الوطنية هما السبيل الوحيد لاستعادة السلام والاستقرار في ليبيا. وجدد إيرولت دعم فرنسا للتوصل لحل سياسي بين الأطراف الليبية كافة، مشيرا إلى ”ضرورة مواصلة محاربة الإرهاب بفاعلية فى أنحاء ليبيا كافة دون استغلال ذلك كحجة لارتكاب أعمال عنف جديدة تجر البلاد إلى حرب أهلية”.