توجه الناخبون الفرنسيون، يوم أمس، إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، للحسم بين المرشح الوسطي الليبرالي الموالي للاتحاد الأوروبي إيمانويل ماكرون (39 عاما)، وهو وزير سابق للاقتصاد، وزعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة المعارضة للهجرة وللعولمة وللاتحاد الأوروبي مارين لوبان (48 عاما). وفرضت السلطات فترة الصمت الانتخابي في جميع أنحاء البلاد، بعد حملة انتخابية شرسة لم يشهد لها الفرنسيون مثيلا، وذلك قبل 24 ساعة، من انطلاق الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية. ودعي لهذه الانتخابات نحو 47 مليون ناخب، وجنّد لحسن سيره أكثر من 50 ألفا من رجال الشرطة إضافة إلى 7000 جندي وسط حالة الطوارئ المفروضة في البلاد. وسيؤمن أكثر من 12 ألفا من أفراد الأمن منطقة باريس وحدها. ووصف المتحدث باسم الداخلية، بيير هنري براندي، هذه التدابير الأمنية ب”غير مسبوقة” مقارنة بالانتخابات الرئاسية السابقة، والتي فرضها ”السياق المختلف تمامًا” لانتخابات هذا العام. وقال براندي للصحفيين إنّ ”التهديدات الإرهابية وحالة الطوارئ” التي تأتي في إطارها هذه الجولة من الاقتراع المصيري. ولفت إلى أنه: ”قبل رئاسيات 2012، استهدفنا أيضا بهجمات، وهو ما استدعى مستوى عال من اليقظة، وهذه الضرورة الأمنية ما انفكت تتزايد في السنوات ال 5 الأخيرة”. ولن يقتصر تكثيف الإجراءات الأمنية بحسب براندي، على تأمين الاقتراع نهارًا فحسب، وإنما تشمل مرحلة ما بعد الإعلان عن النتائج الجزئية المنتظرة (مساء أمس). وكان الناخبون الفرنسيون في أقاليم ما وراء البحار والمقيمون بالخارج قد أدلوا بأصواتهم يوما قبل التصويت في فرنسا نظرا لفارق التوقيت. وتضم الأراضي الفرنسية فيما يعرف بما وراء البحار مناطق سان بيير وميكلون وغويانا والأنتيل وبولينيزيا ومايوت ولا ريونيون ويبلغ عدد الناخبين في تلك المناطق نحو مليون ناخب. وكان مركز الحملة الانتخابية لمرشح الوسط للرئاسة الفرنسية، إيمانويل ماكرون أعلن، يوم السبت، تعرض الحملة لهجوم إلكتروني كبير أدى إلى تسريب مئات الوثائق الداخلية يبلغ حجمها 9 جيغابايت قبل ساعات من انتهاء حملة الانتخابات رسميا. وأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية أنها لن تعقّب على خبر اختراق مئات رسائل البريد الإلكتروني لحملة مرشح انتخابات الرئاسة إيمانويل ماكرون، قائلة: ”لا الوزارة ولا أي وزارة ستعلق على الأمر لأن الحملة انتهت في منتصف الليل وفقا للقانون”. ومن جهتها حظرت لجنة الانتخابات المركزية في فرنسا يوم أمس على وسائل الاعلام نشر أي مواد تم اختراقها من حواسيب حملة مرشح الوسط الفرنسي للرئاسة ايمانويل ماكرون. وحذّر بيان للجنة من أن نشر هذه المواد قد يعتبر جريمة جنائية. وينظر إلى هذه الانتخابات على أنها تشكل نقطة ارتكاز في تاريخ فرنسا المعاصر، وعلى أنها الأهم التي تشهدها البلاد منذ عقود والتي تجري بين مرشحين توجهاتهم على طرفي نقيض. وتعهدت لوبان بغلق الحدود مع أوروبا والتخلي عن اليورو في حين ينوي ماكرون رأب الصدع بين اليمين واليسار وتعزيز التعاون والانفتاح الاقتصادي مع الأوروبيين في ظل وجود فرنسا في الاتحاد الأوروبي. وتصدر ماكرون الدورة الأولى وتتوقع استطلاعات الرأي فوزه في الدورة الثانية بما بين 61.5 و63. بالمئة، أما لوبان فيتوقع أن تحصل على ما بين 37 و38.5 بالمئة، لكن إذا حدث وفازت لوبان، فإن الاتحاد الأوروبي ككيان قد يكون في خطر حقيقي. وحذرت نقابة الشرطة في بيان من خطر وقوع عنف في يوم الانتخابات من جانب نشطاء اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف. وقالت الشرطة إن طلبة ينتمون لليمين المتطرف اقتحموا أحد مكاتب حزب ماكرون في جنوب شرق مدينة ليون مساء أول من أمس، وأشعلوا قنابل دخان ومزقوا أوراقا نقدية مزيفة تحمل صورته، يذكر أن هذه الانتخابات تجرى وسط حالة طوارئ لمواجهة التحديات الأمنية التي تمر بها فرنسا، والتي كان آخرها الهجوم الذي استهدف رجال الشرطة بجادة الشانزليزيه 20 أبريل الماضي. وسيتسلم المرشح الفائز السلطة رسميًا من الرئيس المنتهية ولايته فرانسوا أولاند يوم الأحد 14 ماي المقبل.