أحيى لبنان أمس الأحد الذكرى ال 33 لاندلاع الحرب الأهلية في العام 1975 ، وسط مواجهته لأزمة سياسية وفراغ رئاسي وحروب كلامية جعلت البعض يحبس أنفاسه خشية من تجدد ويلات الفترة ما بين 1975 و1990 ، فيما دعت منظمات وجمعيات مدنية إلى المشاركة في مسيرة تبدأ اليوم من منطقة الشياح في ضواحي بيروت التي انطلقت منها شرارة الحرب في اتجاه وسط بيروت، رفضاً لتجدد العنف والاقتتال. ففي الثالث عشر من أفريل من كل عام يتوقف اللبنانيون عند ذكرى اندلاع الحرب الاهلية ،فتاتي ذكراها اليوم في ظل فراغ سياسي وتدخل إقليمي دولي، بالإضافة إلى تعثر الحلول ، إذ لايوجد مايلوح في الأفق يبشر بانتهاء أزمة الاستحقاق الرئاسي في لبنان, بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في 22 أفريل 2008 . وتتنوع أشكال احياء هذه الذكرى الاليمة, وتختلف باختلاف الجهة او الطرف او حتى الشخص الذي يتناول الموضوع, ولكن القاسم المشترك هو الشعور الباطني لدى كل اللبنانيين ان تلك الحرب ما زالت موجودة, وان صفحتها لم تطوَ بعد, وان هاجس تجددها في اي وقت ماثل دائما في الوعي اللبناني. فلا يزال الموقف السياسي مشتعل بين المسلمين السنة وبعض المسيحيين والدروز ومعارضة بزعامة حركة حزب الله الشيعية والمسيحيين المتشددين. ومايضاعف المخاوف من تجدد الحرب الأهلية هو تعثر وساطة الجامعة العربية بسبب الخلاف على الأولويات بين الأكثرية النيابية وائتلاف المعارضة ، حيث تشدد الأكثرية النيابية أو مايعرف بقوى ال 14 من آذار على أن الأولوية المطلقة يجب أن تكون لانتخاب رئيس الجمهورية الذي شغر منصبه منذ أن تركه الرئيس اللبناني المنتهية ولايته العماد إميل لحود في 24 نوفمبر الماضي ، بينما تشدد المعارضة على ضرورة الاتفاق على "سلة متكاملة" تشمل الرئاسة والحكومة المقبلة وقانون الانتخابات النيابية قبل التئام مجلس النواب لانتخاب الرئيس. وكان حادث قيام مسلحين بقتل أربعة من أعضاء حزب الكتائب المسيحي في بيروت في 13 افريل من عام 1975 هو الذي أشعل فتيل الحرب الاهلية اللبنانية. وعلى اثر ذلك قامت ميليشيا الكتائب اعتقادا منهم بأن القتلة هم فلسطينيون بالانتقام في ذات اليوم حيث هاجموا حافلة تقل ركابا فلسطينيين في منطقة تقطنها أغلبية مسيحية وقتلت 26 منهم. وفي صبيحة اليوم التالي سرعان ما اندلع القتال جديا وانتشر كالنار في الهشيم حيث طاردت ميليشيا الكتائب المسلحين الفلسطينيين الذين كان يدعمهم في ذلك الوقت المسلمون والدروز وكمنت لهم في كل ركن في بيروت. وسهل التقسيم المذهبي لاحياء العاصمة اللبنانية القتل العشوائي المذهبي مما فجر حربا أهلية في البلاد خلفت وراءها ما يربو على 150 ألف قتيل.