في مشاهد مهيبة قد لا تراها العين في أي مكان آخر من العالم، خرج مساء أمس السبت الملايين من شيعة لبنان وسوريا إلى الشوارع والساحات بصورة تبعث الرهبة في النفوس، صابين جام غضبهم على "الشيطان الأكبر" الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني، متوعدين أعداء الأمة بالموت، ومجددين الوعد بالبقاء على عهد الحسين في مقاومة الظلم والطغيان مهما كانت التضحيات. ففي لبنان تم إحياء ذكرى استشهاد سبط الرسول الأعظم الإمام الحسين بن علي وأهل بيته وأصحابه، رضوان الله عليهم أجمعين، والذين ضحوا بأنفسهم جميعاً في سبيل إحياء دين الله والتصدي للفساد. وأقيمت مراسم العزاء في مختلف المناطق اللبنانية، لا سيما في العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية والبقاع والجنوب والشمال حيث انطلقت مسيرات "حسينية عاشورائية" شارك فيها مئات الآلاف من محبي آل البيت سنة وشيعة وكثير من المسيحيين من المؤيدين لحزب الله. مسيرة حزب الله المليونية ونظم حزب الله مسيرة حاشدة في الضاحية الجنوبية شارك فيها قرابة المليوني شخص، انطلقت من أمام مركز سيد الشهداء في الرويس وجابت شوارع الضاحية حتى استقرت في ملعب الراية. المسيرة تقدمتها الفرق الكشفية وحملة الأعلام والرايات السوداء والصور والمجسمات وقيادة حزب الله ولفيف من العلماء والشخصيات الشيعية. وردد المشاركون شعارات "حسينية وكربلائية" يرددونها كل عام مثل "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" و"هيهات منا الذلة" و"لبيك يا حسين" و"لبيك يا نصر الله" و"لبيك يا حفيد الحسين"، في إشارة إلى نسب السيد حسن نصر الله الذي يمتد للرسول صلى الله عليه وسلم، وجدد المشاركون البيعة والولاء والعهد بمواصلة السير على تعاليم الحسين في الجهاد مهما بلغت التضحيات. كذلك نظم حزب الله مسيرات مركزية ضخمة في العاصمة بيروت، وفي شارع الجاموس وملعب الراية ومدن صور وبنت جبيل والخيام (الجنوب) والهرمل وبعلبك ومشغره (البقاع) وفي مناطق المتن الشمالي والجنوبي وجبيل والبترون والكوره (الشمال). وفي ختام هذه المسيرات الحاشدة ألقيت كلمات وخطابات تناولت الأوضاع الراهنة في المنطقة وتطورات الوضع الفلسطيني والملف اللبناني، وأكدت قيادات حزب الله جهوزية المقاومة الإسلامية للتصدي لأي عدوان صهيوني محتمل على لبنان وشعبه وتحقيق النصر على العدو. واختتمت المسيرات العاشورائية بإقامة صلاة الظهر جماعة تأسياً بآخر صلاة أقامها الإمام الحسين في العاشر من محرم في كربلاء. الرعب يخيم على مراسلي المحطات الغربية وفي قلب الزحام تفاجأ ممثلو وسائل الإعلام العربية والعالمية بالحشود البشرية الضخمة التي سدت عين الشمس، حتى ركزت الرسائل الصحفية لأولئك الإعلاميين على حجم الجماهير التي نجح حزب الله في تعبئتها في زمن قياسي، الأمر الذي دفع أحدهم للتعليق بالقول: "لا يمكن أخذ حزب الله على حين غرة، ولا يمكن طعنه من الخلف، فهو على أعلى درجة من الاستعداد، والدليل أولئك الذين يلبون نداء قائدهم في التو والحين عندما يطلب منهم ذلك". وقال آخر: "لم نر عن قرب من قبل أناسا يتلهفون شوقا للموت مثل أولئك التابعين لحزب الله اللبناني، مئات الآلاف يتعطشون لنزال عدوهم، وجلهم يتمنون ما يسمونه الشهادة اقتداءً بالحسين بن علي، رمزهم الديني الذي أقيمت هذه التظاهرة بمناسبة مقتله منذ 1400 عام" وكان واضحا على وجوه ممثلي الصحف والمحطات الغربية الرهبة والخوف مما تراه أعينهم، وانعكس ذلك على مضمون رسائلهم الإعلامية. كان واضحا أن حزب الله انتصر مرة أخرى في واحدة من الحروب النفسية التي يشنها ضد واشنطن والكيان الصهيوني. العراقيون ينتفضون من دمشق وعلى بعد 135 كيلومتر من العاصمة اللبنانية بيروت، حيث العاصمة السورية دمشق، وفي نفس التوقيت، انتفض اللاجئون العراقيون شانين هجوما شرسا على الاحتلال الأمريكي الذي شتتهم وتسبب في مآسيهم وفجائعهم. وشهدت مناطق عدة في سوريا أمس، لا سيما العاصمة دمشق، إقامة مراسم إحياء عاشوراء الإمام الحسين رضي الله عنه وذكرى موقعة طف كربلاء، حيث ازدحمت الشوارع بمئات الآلاف من الزوار من أبناء الجاليات العربية والإسلامية المختلفة المقيمة في سوريا من عراقيين ولبنانيين وخليجيين وإيرانيين وأفغان وباكستانيين وهنود وأفارقة وغيرهم، هذا إلى جانب مشاركة ممثليات مراجع الدين الشيعة، فيما شكل جمع كبير من علماء الدين والخطباء والأدباء والشعراء فريقاً آخر متحذين من المساجد منابر للوعظ الديني والخطابة شارحين غايات وأهداف وأبعاد قضية الإمام الحسين العادلة وثورته في طف كربلاء. وتركزت مظاهر الاحتفالات بمختلف صورها وأشكالها المتعددة في حي السيدة زينب في ضواحي دمشق، التي تحتضن أرضها جثمان زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، التي تمثل هي الأخرى أحد أعلام ورموز ثورة كربلاء. وتصدر العراقيون المقيمون في سوريا المجموعات العاملة على إحياء شعائر عاشوراء الحسين، سواء على صعيد المجالس الخطابية في المساجد والحسينينات ومكاتب المرجعية أو على صعيد مواكب المشاة السيارة وغيرها من الأنشطة بما في ذلك تقديم الخدمات وتوزيع الطعام مراسل "الشروق" من بيروت: وليد عرفات