لم تستطع وحشية الإرهاب وجرائم الغدر خلال العشرية السوداء إيقاف أقلام الصحفيين، فكتبوا وأبدعوا لا لشيء سوى من أجل تكريس مبدأ حرية التعبير وتوعية المجتمع بكل ما يحدث في البلاد• لم تردعهم رشاشات ولا همجية القتل، فاغتيل قرابة ال100 إعلامي بشرف، لكن ما لم تحققه سلسلة الاغتيالات التي طالت عشرات الإعلاميين لقمع الحرية، افتكته مداخيل الصحف وموارد الإشهار• شهدت الساحة الإعلامية في بداية التسعينيات عمليات إرهابية عديدة راح ضحيتها صحفيون من مختلف القطاعات الإعلامية سواء من الصحافة المكتوبة، الإذاعة أو التلفزيون الجزائري، وأول إعلامي طالته أيادي الغدر في سنوات الجمر الشاعر، الروائي وصحفي الأسبوعية الناطقة باللغة الفرنسة "لاكتوياليتي" "طاهر جاووت"، الذي كان ضحية لرصاصات جماعة إرهابية بالقرب من مسكنه في عين البنيان يوم 26 ماي 1993، ليتوفى بعدها متأثرا بجروحه في 2 جوان من نفس السنة• بعدها بشهرين فقط اغتيل صحفي التلفزة الوطنية "زناتي رابح" بمسكنه العائلي في الشراربة يوم 3 أوت دائما برصاصات إرهابيين• ومن أبشع الجرائم الوحشية التي تعرض لها أعمدة الصحافة الوطنية خلال العشرية السوداء، ذبح الصحفي والشاعر "يوسف سبتي" بمسكنه في الحراش في 28 ديسمبر 1993، وكان عاما 93 و94 الأكثر دموية في فترة التسعينيات حيث فقدنا 34 عاملا بقطاع الإعلام من بينهم صحفيون، مراسلون، مصورون، مدراء تحرير، مصححون وحتى سائقين• وتوالت الاغتيالات في حق الإعلاميين ليصل عدد الضحايا إلى 96 إعلاميا في الفترة الممتدة ما بين 1993 و1997 مثل إسماعيل يفصح، حمادي رشيدة وحمادي حورية، صابور مليكة، حروش عبد الوهاب، عبادة مصطفى والقائمة طويلة• فعايشت الصحافة الوطنية مرحلة الانزلاق الأمني التي عاشتها الجزائر طوال فترة العشرية السوداء وضحت بعشرات الإعلاميين والصحفيين الذين أصروا على نشر الحقيقة ولم يهمهم في ذلك تهديدات الإرهابيين، فواصلوا مسيرتهم ومهنتهم النبيلة التي كلفتهم حياتهم لتسمو حرية التعبير، وهو ما لا نلمسه لدى العديد من صحفيي اليوم فغابت المهنية والاحترافية لدى الكثير منهم لصالح أطماع شخصية بعيدة كل البعد عن النزاهة، الموضوعية والدقة في أداء الوظيفة، فبين نشر الحقيقة والحصول على المال تبقى الحرية تبحث عن مكان على الساحة الإعلامية•