- ما هو تقييمكم لوضعية حرية التعبير في الجزائر؟ بالنظر إلى التضحيات التي قدموها الصحفيين على مر المراحل في محطات كهذه، يتعين العودة إلى الوراء بداية من ثورة التحرير إلى أيام الاستقلال، مرورا بالمأساة الوطنية، ومن ثم لا يمكن الإنسان أن يتحدث عن تقييم الوضعية بمعزل عن هذه التراكمات، يبقى الآن الوضع الحالي بالمقارنة مع مثيلاتنا من الدول حتى تكون المقارنة سليمة، أظن بأننا يحق لكل صحفينا الافتخار بالوضع الذي بلغته الصحافة في الجزائر، كما يحق لكل عضو من أسرة الإعلام والاتصال أن يعبر عن ارتياحه بالمكانة التي وصلتها الصحافة عموما• إذا تحدثنا عن الأرقام، هناك تطور هائل في إصدار النشريات، الدوريات، اليوميات ومساحة كبيرة من الوطن اليوم تصلها عشرات وعشرات الصحف، بالاضافة إلى عدد الصحفيين الذي يتزايد من يوم لآخر من جهة، ومن جهة أخرى، منظومة قانونية تتعزز بتنظيمات التي من شأنها تدعيم حقوق الصحفي وحرية الصحافة، وكذا الجانب المهني والاجتماعي للصحفي• على ذكر الأداء المهني سيدي الوزير ماذا تعيبون عنه ؟ أنا لا أعيب على الأداء المهني، لأن هناك الكثير من الأسباب التي تعيق الأداء المهني، منها أسباب موضوعية على سبيل المثال، هناك نقص في التكوين المستمر والتخصص، وهذا ينقص من الأداء المهني للصحفي، وهناك أيضا غياب آليات الصيانة والحفاظ على آداب وأخلاقيات المهنة، هذا في حد ذاته معناه لا يوجد مجال للصحفي بأن يتدرب ويعرف أخطاءه ويصححها، في غياب هيئة تحرص على احترام أداب وأخلاقيات المهنة، من جهة ثانية الوضع الهش للصحفيين من الجانب المهني، الذي رأيناه ترتب عنه عدم الإستقرار والتنقل المستمر، والظروف المهنية التي يعمل فيها، وافتقاده للعقود والإتفاقيات الجماعية والتأمين، كل هذه العوامل تساهم في نقص الأداء، لكن نطمح نحو الأفضل• على ذكر تكوين، ماهي المقترحات الملموسة التي قدمتها الوزارة في هذا المجال ؟ صحيح، هي محفزة ومنشطة، إن صح التعبير لكل الهيآت، هناك دور خاص بالأجهزة الصحفية وهذا حق ينص عليه القانون 90 11 ويأكده المرسوم الأخير الذي صادق عليه مجلس الحكومة، لكن الجديد أننا سنساهم في تكوين الصحفيين لا سيما تخصص الصحف، بحيث تتكفل الوزارة المعنية بتخصيص فضاءات زمنية ومكانية، وتأطير لتكوين الصحفيين على سبيل المثال، ما يحدث في وزارة العدل، حيث تبذل جهدا خارقا في تكوين الصحفيين في مجالها• وبتوجيه من رئيس الحكومة أثناء النقاش الذي وقع حول الملف الصحفي، طلبنا من كل وزارة تكوين صحفيين في قطاعها، مما يسهل للصحفيين التخصص• كيف ترون الطريقة التي تعالج بها الصحف المعلومة الأمنية؟ معالجة الصحف للمعلومة الأمنية فيها الكثير من الشطط، واليوم معالجة المعلومة الأمنية يجب أن تتم وتعالج بحذر كبير، لأن في كثير من الأحيان نجد أن المعالجة عن قصد أو غير قصد تساهم في الترويج، وهذا هو مبتغى الجماعات الإرهابية •••• وأنا اليوم أتساءل عن الهدف من زرع قنبلة أو وضع حاجز مزيف سوى سعي الجماعات الإرهابية التشهير لجرائمها، وليس بناء دولة أو إسقاطها، هذا لا يعني إلقاء اللوم على الصحفي، وعلى كل الصحف، لأنني أعرف أنهم يعانون في التوفيق بين المعلومة والمصدر، لكن صراحة، المعلومة الأمنية ليست قضية سبق صحفي لأنها دائما سلاح ذو حدود، ولذلك وجب معالجتها بكثير من الحيطة والحذر، حتى لا نجد أنفسنا وسائل لترويج العنف والإرهاب والجريمة• وعن كيفية اختيار الصور في بعض الجرائد منها صور بشعة ؟ - هناك أداب وأخلاقيات المهنة، كالكتابة في حد ذاتها، بحيث أنها يجب أن لا تخدش الحياء، وأنها لا تمس الشعور وعواطف الناس، نفس الشيء في الصور، يجب أن تخضع لأداب وأخلاقيات المهنة وربما هذا النقص يأتي بسبب غياب هيئة تضبطها• - ما هي هذه الهيئة المقصودة هل هو مجلس أخلاقيات المهنة؟ - مثلا، في كل العالم هناك هيئة تضبط أخلاقيات الإعلام، ويتم من طرف صحفيين، شخصيات لها خبرة في هذا المجال، ونعتقد أن المهنة بحاجة إلى مجلس أو هيئة لضبط أخلاقيات وأداب المهنة، ليس بغرض الزجر أو التهديد، بل للتأديب والتكوين والتنوير• - ألا تظنون أن هناك تشتت الأسرة الإعلامية ؟ أكيد أنه لايوجد رأي موحد، لكن أعتقد أنه الكفيل بلم الشمل، هو التشاور والتعاون والتنسيق ونقابات قوية تمثل الصحفيين وتدافع عن المهنة والحقوق الاجتماعية، وتكوين الصحفيين وتسمح لهم بالتحكم في آداب وأخلاقيات المهنة• ما جديد المرسوم الذي صادق عليه مجلس الحكومة مؤخرا ؟ الجديد هو أول شيء يقر المرسوم بتميز مهنة الصحفي بالنسبة للمهن الأخرى، هذا مهم لأن الصحفي عامل مثل كل العمال، وتحكمه قوانين ويحكمه نص قانون 90 11 المنظم لعلاقات العمل، لكن على غرار كل الدول، الصحفي مهنته متميزة بالنسبة للمهن الأخرى، بالنظر لخصوصيتها، وبالتالي المرسوم جاء ليكرس ويدعم الحقوق، ويعطي الحق للصحفي في مشكل ظل قائما وهو بطاقة الهوية الوطنية للصحفي، وهي الكفيلة بتجاوز الصعاب في تجسيد الحق في الوصول إلى مصادر الخبر هذا مهم جدا، كما يعطي المرسوم الحق للصحفي في تأمين إضافي، بالإضافة إلى التأمين العادي، حيث يمكن أن يغطي أحداث تتسم بخطورة كبيرة على حياته بتأمين إضافي، إذن نعتقد بأن حماية مهنة الصحفي من خلال إجبار الأجهزة الصحفية المستخدمة للصحافيين بعقد بين الصحفي، سواء كان مبتدءا أو دائم أو متعاون، ويلزم كذلك الجهة المستخدمة بعقد الاتفاقية الجماعية التي تضمن تجسيد الحقوق الممنوحة في هذا المرسوم، سيما منها الحق في الراتب، والمنح والعلاوات، والمكافآت والحق في العطل• هل تعتقدون أنه سيتم تسهيل الوصول إلى مصدر الخبر ؟ أعطينا الحق للصحفي في الوصول إلى مصادر الخبر، لكن لم نؤمّن له الآليات لذلك، شرعنا في العمل على مستوى الحكومة بإرادتنا والنية الصادقة للحكومة في مشاورات، قصد إصدار بطاقة الهوية للصحفي، بالإضافة إلى تكفل كل وزارة بتكوين مجموعة من الصحفيين في تخصصها• كلمة أخيرة - لا يمكن الحديث عن الثالث ماي بمعزل عن التضحيات والجهود ومواقف كل الصحافيين على كل المراحل، لأنها تجارب وخبرات يجب أن تتراكم لتشكل شحنة تجعلنا نسير إلى الأمام، من جهة ثانية أنا مرتاح لأنه يحدث نقاش وحوار في الساحة الإعلامية بشكل مكثف، من خلال هذا المرسوم، لأنه يعتبر إضافة، ولو لبنة في صرح منظومة الإتصال• سأكون في الأيام القادمة سعيدا بتمكين جزء من سكان الجنوب في حقهم من الإعلام، حيث سيطلعون على الجرائد في وقتها مثل باقي الولايات، وهذا بتدشين مطبعة ورفلة الجهوية• الصحافة الجزائرية قادرة على رفع التحدي واحتلال موقعها، ويجب منح الثقة الكاملة للصحافيين•