وبحسب التقرير الذي أعده المخبر الفرنسي، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشرع في تشغيل الميترو فور انتهاء الأشغال، لأن الأمر يتطلب أولا تجفيف منابع تسرب المياه، من خلال اعتماد تقنيات جد متقدمة تكلف أموالا باهظة، تتعدى قيمتها تكلفة إنجاز ميترو العاصمة ككل• وقد تكتمت مصالح وزارة النقل على هذه الدراسة، بسبب الوقت الذي ستستغرقه عملية تأمين مختلف محطات الميترو من خطر تسرب المياه، وأيضا الجهد والمال، بالنظر إلى التأخر الكبير والفادح في استلام هذا المشروع، الذي انطلقت الأشغال به في العام 1975، ما جعله أطول مشروع من حيث مدة الإنجاز• وفي الوقت ذاته، أثارت بعض الجهات مشكل قضية أخطر، وهي أن الميترو فيه عيوب في الإنجاز " ما يستوجب غلق بعض محطاته وتدعيم أخرى"• في حين أن لجنة النقل بالمجلس الشعبي الوطني ألقت باللوم الكامل على الشركة الأجنبية التي تتولى عملية إنهاء ما تبقى من أشغال التهيئة، منتقدة في الوقت ذاته وزارة النقل بسبب عدم وقوفها بما فيه الكفاية من أجل السهر على الأشغال ودفع وتيرتها• فهل الأمر يتعلق بخلاف حول انتقاء الشركة الأجنبية التي تقوم بإنهاء المشروع، ما يعني إمكانية تغييرها بأخرى، وهو ما سيؤدي لا محالة إلى استهلاك مزيد من الأموال، وتضييع مزيد من الوقت أيضا، على حساب المواطن الذي ينتظر بفارغ الصبر أن يرى بأم عينيه الميترو وهو يشتغل فعلا، ما سيخفف عنه أزمة النقل، والمعاناة التي يعيشها يوميا بسبب اختناق الطرقات• علما أن ميترو العاصمة شهد منذ بداية انطلاقه جملة من العقبات، بسبب تداول عدة شركات على إنجازه، ليستقر الأمر على "كوسيدار" الجزائرية، التي تولت تنفيذ الأشغال الكبرى• والأهم في كل ذلك أن المواطن هو الذي يدفع الفاتورة، وهو الخاسر الأول والأخير في عدم خروج الميترو من مرحلة الإنجاز، وبقائه مجرد حلم صعب التحقيق، خصوصا وأن المعطيات تؤكد باستحالة استلامه في نهاية العام 2008•