لجأت الحكومة من خلال وزارة العدل إلى قطع الطريق أمام هيمنة مكاتب الاستشارة الأجنبية، التي بدأت دخول السوق الجزائرية لتوفير خدمة الاستشارة والتوجيه لطالبيها خاصة من المستثمرين. ومن المنتظر أن يكثف تواجد هذا النوع من المكاتب بعد دخول الجزائر الى المنظمة العالمية للتجارة التي تشترط توفير هذا النوع من الخدمات، وهو الشق الذي تخوف منه عدد من المحامين وطالبوا بإجراء يضمن خدمة الاستشارة من طرف جزائريين، وجاء بعدها استحداث مركز البحث القانوني والقضائي وهو إطار منظم لهذه الخدمات وقد انطلق في العمل بداية السنة وهو مكلف بتقديم خدمات الاستشارة والتوجيه لمؤسسات الدولة وللمستثمرين العامين والخواص ومراقبة العقود الاقتصادية. وفي السياق، صرح المدير العام لمركز البحث القانوني والقضائي، عبد السلام ديب، أن هذه الهيئة ستركز على مراقبة العقود الاقتصادية الهامة التي تجمع الجزائر بمستثمرين أجانب والتأكد من نجاعتها، وذلك من خلال تكليف فريق من القضاة المتخصصين من طرف وزارة العدل للقيام بهذه المهمة في إطار عملهم في مركز البحث القانوني والقضائي. وأضاف المتحدث أمس في "منتدى المجاهد" أن التركيز سيكون على القانون الاقتصادي والاستشارات المتعلقة بالعقود والمنازعات الاقتصادية، وهي الاستشارات التي يرجح أن تشكل أكبر قدر من عمل القضاة الباحثين في المركز. وفي السياق، أوضح المتحدث أنه تم تشكيل فرق من القضاة للعمل على ملفات جرائم الانترنيت والتحويل الإلكتروني للأموال وكذا التوقيع الإلكتروني، بالإضافة الى المساعدة القضائية والحالة المدنية، وهي الملفات التي تسجل بداية عمل المركز الذي تأخر لأسباب مادية بحتة واضطرت وزارة العدل الى تشغيله بعشرة قضاة باحثين في انتظار توفير عناصر بشرية أخرى، حيث يلزم المنصب بالمركز من القاضي التحول من الممارسة العادية بالمحاكم والمجالس القضائية الى قاضي استشارة وتوجيه، وذلك بتوفير هذه الخدمة لطالبيها من مؤسسات الدولة والمستثمرين العامين والخواص. وأضاف ديب في حديثه عن الشق المتعلق بتوظيف القضاة بالمركز، أنه لابد من حسن الاختيار ويشكل الموظفين فيه حاليا قضاة خبرة من المحكمة العليا ومجلس الدولة، كما يعمل القضاة على تعديل القوانين والتشريعات الوطنية واقتراح تغييرات للحكومة لتجنب ثغرات قانونية غالبا ما تظهر عند بداية تطبيق القانون على أرض الواقع أو سنوات بعد ذلك بسبب التطورات التي يشهدها المجتمع باستمرار. ولخص عبد السلام ديب أن المركز يشكل مخبرا للتشريعات الوطنية وهي هيئة محايدة تمرر كل القوانين تحت تحت المجهر وكذا الأحكام القضائية التي تصدر عن مجلس الدولة والمحكمة العليا والتأكد من توحيدها، كون الهيئتين مسؤولتين عن البت في الطعون والأحكام النهائية. كما يكلف قضاة المركز بضمان المساعدة القضائية للقضاة الممارسين لحل الوضعيات الصعبة، حيث غالبا ما يتطلب الملف القضائي اجتهادا من القاضي الذي ليس بإمكانه تطبيق مادة جافة من القانون. رغم كل هذا التطور الحاصل على المستوى القضائي، فإن عبد السلام ديب لم ينف إلزامية القيام بخطوات أخرى تضمن بلوغ الهدف المنشود من الإصلاح.