اختتمت أول أمس الدورة الجنائية الثانية لمجلس قضاء الجزائر العاصمة لسنة 2008، التي عرفت فتح العديد من الملفات، وصفها المتتبعون ب "الهامة والحساسة" لم يسبق النظر فيها من قبل، على الرغم من أن وقائعها تعود إلى عدة سنوات خلت، تم الفصل في بعضها، فيما أجلت أخرى إلى غاية الدورة الجنائية القادمة لأسباب متباينة، تأتي على رأسها غياب دفاع المتهمين عن جلسات المحاكمة. تضمن جدول قضايا الدورة الجنائية الثانية لمجلس قضاء العاصمة، التي انطلقت في الفاتح جوان المنصرم، واستمرت الى غية أول أمس، عدة قضايا "ملغمة" لم يبت فيها قضاء العاصمة من قبل بالنظر لثقل التهم والأفعال المنسوبة الى المتورطين فيها، وبخاصة تلك المتعلقة بملفات الارهاب التي بلغ عددها ما يفوق ال 20 من ضمن ال 84 قضية مبرمجة، ما يدل على أن مجالس القضاء عامة، ومجلس قضاء العاصمة خاصة، حرصت خلال هذه الدورة على طي أكبر عدد ممكن من القضايا المدرجة في هذا الإطار. ومن بين أهم القضايا التي فصل فيها مجلس قضاء العاصمة خلال هذه الدورة، ما يعرف بقضية شركاء أحمد رسام، المتهم الرئيسي فيما يعرف بتفجيرات الألفية، والمتواجد حاليا بأحد السجون الأمريكية بعدما تمت إدانته هناك ب 22 سنة، على خلفية العثور بحوزته على كمية كبيرة من المتفجرات وهو يدخل التراب الأمريكي. حيث عرفت جلسة محاكمة يخلف مراد وعادل بومزبر ودحومان عبد المجيد امتناع هذا الاخير عن الكلام أمام هيئة المحكمة، وهذا طيلة الجلسة، فيما نفى المتهمان الأولان وجود أي صلة أو علاقة تربطهما بأحمد رسام لتقضي المحكمة بإدانة دحومان عبد المجيد بالمؤبد وببراءة عادل بومزبر ومراد يخلف، مع العلم أن القضية سبق وأن تم تأجيلها لعدة مرات. كما فتحت جنايات قضاء العاصمة في نفس الدورة ملف "ك. محمد" المكنى "عبد الله" المعروف بتجنيده لشباب الضاحية الجنوبية للجزائر العاصمة ضمن صفوف الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقا، تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي حاليا، من ضمنهم عبد القهار بلحاج، نجل علي بلحاج، الرقم الثاني في "الفيس" المحل، حيث اعترف "ك. محمد" أمام هيئة المحكمة أن أحد الإرهابيين طالبه بتجنيد هؤلاء الشباب ضمن الجماعات المسلحة، إلا أنه نفى وجود أي اتصالات تربطه بعبد القهار بلحاج المكنى "معاوية" قبل صعوده الى الجبل في رمضان 2006، مؤكدا بأنه التقاه مع مجموعة من الشباب بغابة "بوغني" بولاية تيزي وزو، وهو أول اعتراف للمتهم أمام هيئة المحكمة يكشف من خلاله عن هذه الحقائق التي قررت بناء عليها جنايات العاصمة إدانته بثلاث سنوات سجنا نافذا. وفصلت ذات المحكمة في قضية قرصنة ما يوفق 09 ملايير سنتيم من اتصالات الجزائر، المتابع فيها 22 إطارا من ذات المؤسسة، وتراوحت الأحكام فيها بين البراءة وسبع سنوات سجنا نافذا. وأدان مجلس قضاء العاصمة ثلاثة متهمين بعلاقتهم بتفجيرات الأربعاء الأسود التي استهدفت في 11 أفريل 2007 قصر الحكومة، بأحكام متفاوتة تراوحت مابين 10 أشهر و05 سنوات سجنا نافذا، حيث ينسب للمتهمين الثلاثة ربط اتصالات بسمير سعيود المكنى "مصعب" مسؤول الاتصال بالجماعة السلفية للدعوة والقتال، وسلطت عقوبات متفاوتة ضد المتهمين فيما يعرف بشركاء " عبد المجيد ت." المكنى "أبو المثنى" المعروف بتجنيد الشباب الجزائري والتونسي للقتال في العراق وبلدان أخرى، تراوحت مابين البراءة و05 سنوات سجنا نافذا. ومن جهة أخرى، ارتأت جنايات العاصمة إرجاء النظر في قضايا لم تبت فيها من قبل إلى الدورة القادمة، على غرار ما يعرف ب " شبكة أبو الوليد التونسي" المتكونة من 8 متهمين، حاولوا تجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب الجزائري للقتال بالعراق، بواسطة ربط اتصالات عبر الأنترنت مع "أبو الوليد التونسي" المشرف الرئيسي على هذه العملية. وأجل قضاء العاصمة خلال نفس الدورة النظر في قضية عبد القهار بلحاج برفقة مجموعة من شباب الضاحية الجنوبية للجزائر العاصمة إلى غاية الدورة القادمة بسبب غياب دفاع بعض المتهمين، وهو نفس القرار الذي اتخذه قضاء العاصمة فيما يخص قضية المتهمين الثلاثة بتزويد الجماعات المسلحة بثلاثة أطنان و500 كلغ من حمض "التتريك" لاستعمالها في صناعة المتفجرات لتفخيخ السيارات في التفجيرات الإنتحارية ضد أماكن حساسة بالعاصمة وماجاورها بسبب رفض أحد المتهمين تأسيس أحد المحامين مكان دفاعه الذي غاب عن الجلسة. وعرفت الدورة تأجيل قضية اختطاف 32 سائحا أوروبيا بصحراء الجزائر في 2003، التي أشرف عليها عماري صايفي، المكنى "عبد الرزاق البارا"، إلى الدورة القادمة، التي ستعالج من جهة أخرى قضية اختلاس 130 مليار سنتيم من مؤسسة "سوناطراك" المتابع فيها ثلاثة متهمين، بينهم واحد من جنسية فرنسية.