يحافظ حي "القيصرية" الواقع في قلب مدينة تلمسان حتى الساعة الحالية على طابعه التجاري والذي يعود للقرون الوسطى، حيث كانت تلمسان تمثل مفترق طرق للتجارة الدولية في البحر الأبيض المتوسط. وتتوفر القيصرية الحي العتيق المشيد خلال الفترة الزيانية على سور بفتحات وعلى بابين اندثرا حاليا وتغطي مساحة خمسة هكتارات. علما وأن هذا الحي الذي احتله الفرنسيون قد تم تدميره قبل نهاية القرن التاسع عشر بعدما كان يشتغل به أكثر من 2000 تاجر وحرفي. ويوجد حاليا ممر رئيسي للراجلين الذي تعم فيه النشاطات التجارية المكثفة خاصة من طرف الزبونات النساء ويسجل حي القيصرية الذي يضم العديد من المحلات المختصة في بيع الحلي والملابس التقليدية خلال فصل الصيف الزاخر بالأعياد والمواسم والأعراس إقبالا لا متناهيا من طرف النساء اللائي يتوجهن لاقتناء أزياء القفطان والكاراكو و " الفويقات " التي ترتديها النساء خلال الموسم الصيفي. وتقترح المحلات الصغيرة المتراصة على جوانب هذا الممر للراجلين أنواعا من الملابس التلمسانية من الطراز الرفيع، حيث يباع القفطان التلمساني المزين بالخيوط الذهبية (فتلة ومجبود) في فترة الأعراس ما بين 60 و100 ألف دج، في حين يباع الكاراكو بحوالي 000 50 دج والفوقية وهي لباس من أصل مغربي ما بين 20 و30 ألف دج. ورغم غلاء هذه الملابس فإن النساء يقتنيها، حسب ما صرحت به إحداهن التقيناها في هذا الحي "لأن من غير المعقول بالنسبة للفتيات التلمسانيات أن لا يرتدين مثل هذا الللباس"، ولا تنقطع الحركة التجارية بهذا الشارع الواقع في قلب مدينة تلمسان طيلة اليوم، حيث من الصعب في بعض الأحيان المرور نظرا لضيق الممر وتواجد بائعين متجولين يقترحون على الأرصفة ملابس داخلية للرجال وقبعات وأحذية للنساء والأطفال. وبالرغم من فتح العديد من المحلات الكبيرة عبر المدينة فإن النساء التلمسانيات لا يزلن يترددن على المحلات الضيقة بالقيصرية لأن الاختيار متنوع وأصحاب المحلات يعرفون كيف يتعاملون مع الزبائن من النساء كما ذكرت إحداهن.