أول ما لفت انتباهنا لدى دخولنا إلى مصلحة الاستعجالات بذات العيادة حوالي الساعة التاسعة والنصف ليلا، هو سوء الاستقبال من طرف عون الإستقبال الذي يصل إلى حد الاستخفاف بحالة المريض واستفسار أهله بشكل استفزازي لأعصابهم عن ما حدث لمريضهم، أما المفزع في الأمر حقا فهو الخلو التام لمصلحة الاستعجالات الطبية والجراحية، وكأن الأمر لا يتعلق بقسم الاستعجالات الذي من المفروض أن يشهد حالة تأهب واستنفار قصوى خصوصا أثناء الليل، مع العلم أن أغلب قاصدي مصلحة الاستعجالات في ذلك الوقت يكونون في حالة خطيرة تستدعي التدخل الطبي العاجل، وهو ما لم يكن متوفرا بمصلحة الاستعجالات لعيادة متعددة الخدمات ببوسماعيل أثناء وجودنا هناك. حيث بقي شاب في ال20 من العمر نقل على وجه السرعة من طرف عائلته إلى ذات المصلحة ينتظر أحدا يطل عليه قرابة الساعة دون جدوى، ورغم أن هناك بعض المتجولين في رواق المصلحة الذين لم نعلم ماذا كانت مهمتهم مع أن جميعهم يرتدون المآزر البيضاء، إلا أن أحدا لم يكلف نفسه عناء معاينة الشاب أو طلب الطبيب المداوم للكشف عنه ومعاينة مدى خطورة إصابته، كون جميع الأطباء كانوا غائبين في تلك الساعة، ولا يعلم أحد مكان تواجدهم، كما لم يقم أحد بالبحث عنهم وكأن حياة المواطنين لا تعني شيئا لدى هؤلاء الأطباء الذين تركوا أماكن عملهم في الوقت الذي يكون المرضى بأمس الحاجة إليهم. وتم ترك"عماد" فوق أحد الأسرّة الوسخة داخل غرفة لا تتوفر على أي وسلية من وسائل الراحة. هذا دون الحديث عن حشرة الناموس الذي يملأ أرجاء المصلحة والروائح الكريهة والأوساخ الموجودة بكل مكان. وليت الأمر توقف عند هذا الحد، فحتى حسن المعاملة لم يتلقاها هؤلاء المرضى ولا حتى أهاليهم، ما جعل والد الشاب يثور ويحمل ابنه ويخرج من ذلك المكان الأشبه بالجحيم. وغير بعيد عن العائلة الأولى، جلست عجوز في حالة يرثى لها على الأرض، خاصة وأنها لم تتمكن من التحكم في نفسها ولم تجد ابنتها التي كانت بقربها وسيلة لتنظيف والدتها التي رغم حالتها المزرية لم يتوجه إليها أحد لتقديم يد المساعدة، وقد لمسنا التذمر والغضب الشديد لدى أهالي المرضى الذين استاؤوا من المعاملة السيئة التي وجدوها بهذه المصلحة، ونقلوا عبر" الفجر" نداءهم إلى المصالح المختصة للنظر في الحالة الكارثية لقسم الاستعجالات بعيادة مولود فرقان. فما يحدث ليلا بمصلحة الاستعجالات بالعيادة متعددة الخدمات لبوسماعيل وبعيادات أخرى أمر يندى له الجبين فعلا، ويستوجب تدخل أعلى السلطات للحد من مثل هذه الظواهر السلبية والقضاء عليها تماما حتى لا يبقى المواطن البسيط هو الضحية دائما. وللإشارة فإن سكان العمارة المجاورة للعيادة قد عبروا ل" الفجر" عن مدى سخطهم جراء التصرفات الاأخلاقية التي يقوم بها بعض الموظفين بالعيادة مع بعض الموظفات وحتى الأجنبيات منهن بحديقة العيادة مع حلول الظلام...