ورغم توفيق بعض البلدان العربية، على غرار لبنان، مصر وحتى الجارة تونس، في معادلة "ملكة الجمال" بأطرافها الثلاثة "التنظيم، المتسابقات والجمهور"، لا تزال هذه المعادلة مستعصية على الحل في الجزائر، مما يفسّر "البريكولاج" الحاصل والذي يسميه بعضهم"انتخابا لملكة جمال الجزائر".. هذه الجملة التي باتت في بلدنا اليوم مرادفة بامتياز لكلمة "فضيحة".. !! وخير دليل على ذلك ما شهدنا حدوثه سهرة أول أمس الخميس بفندق السفير في قلب العاصمة.. التزوير في "ميس ألجيري" مع سبق الإصرار والترصّد بوعلام الجزائري، اسم ارتبط مؤخرا ب"لا حدث" مسابقة ملكة جمال الجزائر، بعد أن خاض حربا ضروسا من أجل الحصول على حصرية تنظيم هذه المسابقة، التي كانت تتبنّاها أكثر من جهة، إلى درجة ظهور أكثر من 5 ملكات جمال في السنة الواحدة، لا يعلم طريقة اختيارهن إلا الله والراسخون في "التخلاط". والغريب حسب ما اطّلعنا عليه أن المعهد الوطني للملكية الصناعية والفكرية هو الذي منح لبوعلام الترخيص لتنظيم هذه المسابقة منذ سنة 1998 .. وكأن الأمر يتعلّق بنشاط تجاري.. بعيدا عن "التخلاط" ومشكلة شرعية التنظيم وظروفه، حضرت"الفجر" ليلة أول أمس مراسيم اختيار و تتجويج ملكة جمال الجزائر 2009 بعد أن أعلن عنها في الصحافة الوطنية، والصراحة أننا منّينا العين بموعد مع الجمال والفرجة باعتبار أن الأمر يتعلق بانتخاب ملكة جمال، لكننا تفاجئنا بعملية انتخاب شبه سياسية لا تختلف أساليب تطبيقها عن الأساليب البوليتيكية المعروفة، لكن هذه المرة بشكل أكثر من مفضوح .. كانت لجنة التحكيم مكوّنة من الأسماء التالية، رئيسة اللجنة عميدة المذيعات الجزائريات أمينة بلوزداد، برفقة الوجه التلفزيوني المعروف والمسؤولة في القناة الفضائية الثالثة فاطمة الزهراء زرواطي، إضافة إلى أخصائيي تجميل والحلاقة، أكوم نسيمة ونصيرة عبود وفوزية سليم ومروان بوجناح وصالح كيرا .. جميعهم خرجوا على وقع الصاعقة بعد أن مسح بوعلام اختياراتهم بعصاه السحرية.. على مدار أكثر من ساعتين من الزمن وعلى منصة عرض "السفير" دارت وجالت 17 متسابقة ، جئن من ولايات يمثلن الجمال الجزائري/القضية نسبية طبعا../ من العاصمة وتيبازة وبومرداس وتيزي وزو والبويرة وبجاية والبليدة وسعيدة وعنابة وجيجل وسكيكدة والمسيلة.. بعد تصفية عشر متسابقات منهن، جاء الدور على اختيار خمس عارضات.. يمثلن الملكة وأربع وصيفات، استعرضن قاماتهن أمام لجنة التحكيم التي اختارت حسب ما صرّحوا به ل"الفجر"، المتسابقة رقم 5 وهي "هادلي خديجة" من تيزي وزو، 19 سنة، طالبة في الثانوي بالسنة النهائية، أجمعت اللجنة وتصفيقات الجمهور على اختيارها، قبل أن يصعد بوعلام معلنا تتويج رقم 7 الآنسة "عفان أسماء" من العاصمة، ما شكل مفاجأة للجمهور وللجنة التحكيم التي انتفض أعضاؤها رفضا.. حرّكت أمينة بلوزداد طويلا رأسها يمينا ويسارا فيما اكتفت زرواطي بابتسامة حيرة.. "الفجر" اقتربت من لجنة التحكيم التي أجمع أعضاؤها على وصف الحادثة بالمهزلة، فقالت بلوزداد" لماذا يجشّموننا عناء التحكيم إذا كان الأمر مفصولا فيه من قبل" فيما اعتبرت زرواطي الأمر مشينا ويدعو إلى الحيرة، كما خرجت أخصائية التجميل أكوم نسيمة، عن صمتها ووصفت بوعلام بالمزوّر، أما نحن فاكتفينا بسماع جانبي، لحديث بوعلام مع إحدى أعضاء لجنة التحكيم قال لها " لا داعي لإثارة البلبلة، فتاة تيوي وزو توّجت ملكة جمال ولايتها و"فيها بركة"، العاصمية أحق بالتتويج أنا أعرفها جيدا، لقد تسرّعتم أنتم في الاختيار..." !!! بوعلام.. تاجر الجمال الجزائري الحادثة نفسها وقعت قبل سنتين عندما انتهت مسابقة اختيار ملكة جمال الجزائر لسنة 2007، والبطل دائما هو بوعلام الجزائري، صاحب محل حلاقة ورئيس جمعية فن وموضة.. وعد الجميع حينها بالتميّز والتجديد، ليجد نفسه غارقا في مستنقع الفضائح والتجاوزات؛ حيث احتضن فندق السفير، فعاليات انتخاب ملكة جمال الجزائر لسنة 2008 أيضا وهي المسابقة التي نظمتها الجمعية ذاتها.. بعد العرض "الفكاهي" ل 15مشاركة تداولت على رواق العرض، قفز رئيس الجمعية بوعلام الجزائري إلى المنصة للإعلان عن نتائج التصفيات الأخيرة واختيار خمس متسابقات، متجاوزا بذلك مهام لجنة التحكيم التي كانت تظم آنذاك المغني الشاب يزيد، الذي انسحب من اللجنة قبل الإعلان عن الفائزة باللقب واتهم بوعلام بالتلاعب والتزوير، ومحسوبية اختياره لثلاث سكرتيرات، حلاقة وتقني سامي في الإعلام الآلي، تتقدّمهن الشابة، سكاري صبرينة"23 سنة"، على أساس أنهن، أجمل جميلات الجزائر.. قبل ذلك قام منظم المسابقة، وحسب مقرّبين منه ب"البزنسة" في جمال المشاركات من خلال عرض صورهن، وهن 30 مشاركة، على قناة فضائية أجنبية، هي قناة "m life " المعروفة بالابتذال والتركيز على فيديو كليبات، ذات إيحاءات جنسية، كما تختص في نقل حفلات الرقص الشرقي وأجواء الملاهي الليلية العالمية.. الحركات التصحيحية في مسابقات الجمال الجزائرية في خرجة إعلامية أخيرة ظهر المدعو، شرادي الذي أعلن أنه المؤسس الشرعي لمسابقة ملكة جمال الجزائر، قبل اثني عشر سنة وبالتحديد في سنة 1996؛ قبل أن يسجن بعد عام من تأسيس المسابقة لمدة سنتين بسجن سركاجي من دون أن يعرف - حسب قوله - سبب سجنه... !! يقول إنه قد يكون ذهب ضحية حملة "الأيادي النظيفة"، رغم أنه يضيف "لم يسير ميزانية عمومية من قبل.."7 في إشارة إلى أن سبب سجنه كان ثغرة مالية في ميزانية المسابقة وهو ما يثبت أن مثل هذه المسابقات يكون صحنُها المالي ممتلئا ومثيرا للشهية.. المهم.. يقول شرادي في خرجته الإعلامية تلك، إنه استفاد في جويلية 2000 من عفو رئاسي فوجد غريمه بوعلام الجزائري قد خطف اللقمة من صحنه؛ حيث استفاد بوعلام سنة 1999 - حسب شرادي- من دعم مالي كبير، وسفريات عالمية، جعلت منه شخصا غنيا.. !! ولم يتوقف شرادي، عند ها الحد، بل لم يتوقف أصحابه عند هذا الحد، حيث يقول شرادي إنه وقع ضحية مؤامرة بعد أن استغلت إحدى معاوناته سابقا، غيابه لتنظم المسابقة سنة 2000 تحت تسمية ''سيدة الجزائر'' مما أدخل الأطراف الثلاثة إلى قاعات المحاكم. والغريب أن القضية لا تزال منذ ذلك الحين بين أيدي العدالة ولم يفصل فيها بعد.. كما لم نفصل نحن في الموضوع الذي سنفتحه في الأعداد القادمة على مصراعي آراء...