واعتبر الدكتور أمين الزاوي في مقدمة الكتاب أن عبد الوهاب بن منصور قاص طموح أراد أن يكون إبليسا في اشتغاله بالتكسير ، تكسير الكتاب بالجملة وتكسير الحياة بالممارسة واللعب كأكبر قوة يملكها الإنسان، مضيفا أن هذه التجربة تعد صوتا جديدا لقاص جريء وعنيد، مهووس بالبحث عن إيقاع آخر. كما أشار الزاوي أنه اكتشف في تجربة عبد الوهاب القصصية قيمة فنية في الكتابة مؤهلة لخلق تراكم في متن القصة القصيرة الجديدة في الجزائر، حيث استطاع حسبه، الوصول الى تحقيق أهم شرط في القراءة والمتمثل في تحقيقه لشرط "المتعة". والقارئ للمجموعة القصصية يلاحظ أن الكاتب ارتكز في بنائها الدرامي على محور المرأة التي كان يربطها دائما بالوطن، وكأنه يبحث عن هويته في ملامح المرأة التي رسم تفاصيلها كما يريد لها أن تكون متحررة من القيود ومن العادات والتقاليد . من جهة اخرى فإن المبحر بين حروف الكتاب يمكنه أن يتلمس مشاعر بن منصور في أبطال قصصه المتهمين بالتمرد على كل شيء، وهو ما يتضح في أفكاره وحبه الذي يجد له دائما ألف معترض، وكأنه يمارس نوعا من المحرمات. كما تعكس أحداثها صورة شخص يعاني الشتات والضياع مع الإحساس بالغربة عن وطنه وحتى عن نفسه، وهو المشكل الذي جمع أبطال قصصه الذين قدمهم بدون أسماء وكأنه يريد أن يكون كل واحد فيهم صورة عن عبد الوهاب بن منصور، وهي المعضلة التي كان يبحث لها عن حل والمتمثلة في رغبته العودة إلى الوطن وإلى الذات، وهو الأمر الذي كان يجده دائما بين أحضان المرأة. وقد ابتعد الكاتب عن عالم الواقع واختار أن يرسم لنفسه عالما خاصا به يسمح له بالتحرر من كل القيود التي أثقلت كاهله، حيث أنه اختار أن يكون بطل قصة "بصمات.. المدينة ..الحلم.." صورة عن خاله "احمد" الذي اعتزل أهله بعد فقدان حبيبته التي قتلها أهل القرية بعد اكتشاف العلاقة بينهما، وهو نفس المصير الذي آل إليه البطل. أما في قصة "شجرة الخروب " فقد أجبرته الأعراف البالية والإيمان المطلق بالمشعوذين إلى التخلي عن القرية وعن حبيبته لتكون من بين النساء التي اختارها المشعوذ لنفسه، ليبرز بذلك مشكل التخلف الكبير الذي يعاني منه الأفراد حتى الآن خاصة في المناطق الريفية، فيما كان في " دمية غرناطة والصعلوك " شبحا قادما من العالم الآخر ليبحث عن بقايا حبيبته بين متاهات السنين. وقد جاء المغلف صورة عن محتوى الكتاب بتجسيد مخلوقات غريبة وغير واضحة الملامح، مع وجود خلفية اختير لها اللون الأسود الذي يعكس الخوف والضياع.