شكل القرار المتخذ من قبل إسرائيل بوقف أحادي الجانب لإطلاق النار , إزعاجا و حرجا لمساعي القاهرة , من خلال ما يعرف بمبادرة السلام المصرية , و يتضح أن الدبلوماسية المصرية لم تفلح في اقناع كافة الاطراف بالقبول بالترتيبات التي تضمنتها المبادرة , خاصة و أن اهم نقاطها الخاصة بفتح المعابر لا سيما معبر رفع يستثني حركة حماس , لكون القاهرة لا تعترف الا بشرعية السلطة الفلسطينية التي تحظى باعتراف دولي. و اتضح منذ البداية ان المبادرة المصرية تعتريها عدد من المآخد من الجانبين الاسرائيلي و الفلسطيني "حماس" , فاسرائل لم تكن لترغي في ترتيبات تقحم فيها حماس و بالتالي تعد اعترافا ضمنيا لها , و مكسبا سياسيا , كما أن حماس لم تكن لتقبل بتدابير تخص المعابر تستثنى منها تماما , و تدعم موقع السلطة , فضلا عن اتاحة المجال لتواجد قوات دولية في المنطقة . و قد تضمنت المبادرة المصرية التي أطلقت بعد أقل من أسبوع من الغزو الإسرائيلي على نقاط أساسية هي: 1- قبول إسرائيل والفصائل الفلسطينية بوقف فوري لإطلاق النار لفترة محددة. يتم تجديدها وفقا للمفاوضات مما سيتيح فتح ممرات آمنة لتقديم مساعدات الإغاثة لأهالي غزة ويتيح لمصر مواصلة تحركها للتوصل إلى وقف شامل ونهائي لإطلاق النار 2- دعوة مصر إسرائيل والجانب الفلسطيني لاجتماع عاجل من أجل التوصل للترتيبات والضمانات الكفيلة بعدم تكرار التصعيد ومعالجة الأسباب التي أدت اليه ، لضمان إعادة فتح المعابر ورفع الحصار على قطاع غزة. 3- تجديد مصر دعوتها للسلطة الوطنية وكافة الفصائل للتجاوب مع الجهود المصرية للتحقيق الوفاق الفلسطيني. 4- اعتماد ترتيبات لإعادة فتح المعابر من خلال ضمان تواجد سلطة فلسطينية معترف بها دوليا و قوات أجنبية وقد برزت عدة مآخذ من قبل حركة حماس للمبادرة , خاصة و أنها كانت مصرية محضة فيما رغب الجانب الفلسطيني في إشراك أو على الأقل التشاور مع الأطراف العربية الأخرى , فضلا عن تسجيل مبادرات أخرى متقاطعة عربية و فرنسية و تركية بالخصوص. و من هنا جاء الانزعاج المصري الكبير من قمة الدوحة التي كشفت عن تباين في المواقف و حرب مواقع كبيرة بين قطر و مصر و بين قطر و السعودية , حيث اتضح وجود تجاذب بين مناصر أو على الأقل رافض لتهميش حماس كطرف في المعادلة الفلسطينية و بين داعي لاعادة شرعية السلطة الفلسطينية و ايجاد بدائل كفيلة بضم حماس وفقا لترتيبات تجعل من السلطة هي الممثل الشرعي الوحيد . و من هنا برز الاعلان عن الدعم العربي للمبادرة المصرية قبيل انطلاق قمة الكويت كأحد الخيارات لإرضاء القاهرة , و تفادي القطيعة الكلية , خاصة بعد رفض مصر مدعومة بالسعودية للمشاركة في قمة الدوحة وحمل السلطة الفلسطينية أيضا على عدم المشاركة تفاديا لوجود ازدواجية في الخطاب بين وفدي السلطة و حماس. و أبرزت حماس مخاوف من امكانية كسب اسرائيل نقاط و مكاسب سياسية لم تنجح في الحصول عليها عسكريا , فضلا عن التشديد على أربع نقاط 1-وقف العدوان و انسحاب القوات الإسرائيلية 2- رفع الحصار المفروض على غزة منذ 2006 3-فتح المعابر دون شروط مسبقة 4- رفض تواجد قوات دولية على مناطق التماس و الأطراف بما في ذلك المعابر تكون أساسا لحماية اسرائيل كما جرى في جنوب لبنان , حيث انتفت جدوة المقاومة بعد انسحابها على عمق 40 كلم وقد دفعت القاهرة حماس الى ضرورة إعلان قبول وقف إطلاق النار لإحراج إسرائيل , للمساعدة على إصدار قرار وقف اطلاق النار كلي و انهاء العمليات, الا أن الطرف الإسرائيلي هو الذي كان في الواقع المبادر للعدوان , و هو ما يفهم من موقف حركات المقاومة رفضها وقف إطلاق النار الى غاية انسحاب القوات الإسرائيلية . و رغم أن المبادرة المصرية لقيت دعما أمريكيا , فان إسرائيل استبقت الأمر وأعلنت عن وقف أحادي الجانب لإطلاق النار , مما أربك أكثر المفاوض المصري , خاصة و أن الإعلان الأمريكي صاحبه اتفاق مع إسرائيل لمنع دخول السلاح الى القطاع و هو ما يفهم منه تنسيق بين واشنطن و القاهرة و تل أبيب , اذ أن الاتفاق جرى في وقت زار فيه رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلي عاموس غلعاد القاهرة لبحث المبادرة المصرية التي لقيت ترحيبا من الاتحاد الأوروبي و من رئيس السلطة الفلسطينية. و جاءت المبادرة المصرية متزامنة مع عدة مبادرات منها المقترحات العربية التي تضمن 1-المطالبة بصدور قرار ينهي أولا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. و الوقف الفوري لاطلاق النار 2- الدعوة لرفع الحصار وفتح جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة. 3- السماح بمرور المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين الفلسطينيين. و المطالبة باستئناف عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية. و فقا لمبادرة السلام العربية و أخيرا وضع آلية لمراقبة الهدنة وحماية المدنيين. كما قدمت تركيا و فرنسا مبادرات تضمنت وقف اطلاق النار و انهاء العمليات العسكرية و فتح المعابر و انهاء الحصار من الجانب التركي , بينما دعت فرنسا الى توفير ضمان لأمن اسرائيل ووقف اطلاق الصواريخ على أراضيها انطلاقا من قطاع غزة .