تتجه سوريا بخطى ثابتة نحو الخروج من الأزمة التي عصفت بها، في ظل الانتصار الميداني الذي حققه الجيش ونجاحه في استعادة جل أراضي البلاد، إلى جانب عودة البعثات الدبلوماسية واستئناف الرحلات من وإلى مطار دمشق الدولي وإمكانية عودة سوريا إلى أحضان الجامعة العربية، ما يشير إلى عودة قوية لسوريا إلى الساحة الدولية. وبدأ الحديث عبر وسائل الإعلام الدولية عن نصر قريب للرئيس السوري بشار الأسد على الإرهاب في سوريا واستعادة الجيش لكامل التراب السوري، حيث خصصت صحيفة (الأوبزرفر) ثلاث صفحات لتقرير تحليلي في الشأن السوري وضعت له عنوانا يقول انتصار: لقد حسم الأسد الفوز بمعركته الوحشية ، أشارت فيه إلى أن نهاية هذا العام شهدت ما أسمته انتصار نظام بشار الأسد . ولفت التقرير إلى التطورات الأخيرة التي شهدها الملف السوري، مع إعادة الإمارات افتتاح سفارتها في دمشق، وتبعتها البحرين ودول أخرى من المتوقع أن تعيد أيضا علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا مطلع العام الجاري، بينها الكويت، إلى جانب إمكانية عودة سوريا الى أحضان الجامعة العربية بعد سبع سنوات من تعليق عضويتها فيها. وجاءت هذه التطورات كنتيجة للمكاسب التي حققتها دمشق خلال الأشهر الخمسة الماضية، على حساب المعارضة المسلحة والجماعات الإرهابية، حيث تمكن الجيش العربي السوري من استعادة السيطرة على درعا (مهد التمرد) والتي شكلت آخر مواقع جماعات المعارضة المسلحة والإرهابية، مما سد الطريق أمام أي تهديد سياسي أو عسكري ضد الحكومة بالقرب من العاصمة دمشق. وفي ذات السياق، تمكن الجيش السوري من دخول مدينة منبج التابعة لمحافظة حلب في الشمال السوري ورفع علم بلاده عاليا، كما نجح في إجهاض تحركات المجموعات الإرهابية بريف حماة الشمالي. وأشارت تقارير إعلامية دولية إلى أن التطورات العسكرية والدبلوماسية في سوريا خلال الأشهر الماضية، حسمت نتيجة الصراع في سوريا لصالح بشار الأسد، أمام تخلي الجهات التي كانت تدعم المعارضة عن أهدافها بشكل تدريجي، معتبرة أن سعي بعض الدول لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، تسليم بأن النظام في سوريا لن يتغير بالقوة. وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوجدانوف، قد أشار إلى هذه الفكرة،عندما أكد أن الرئيس السوري، بشار الأسد، قادر على الفوز بانتخابات الرئاسة المقبلة، موضحا أنه يحظى بشعبية كافية، ولو لم يكن كذلك، لكانت نتائج السنوات الأخيرة مغايرة. ومن المتوقع أن تجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا عام 2021، وقد فاز الأسد في السباق الرئاسي السابق عام 2014 بنسبة 88.7 بالمئة من أصوات الناخبين، بحسب المعطيات الرسمية. وفيما يتعلق بالعودة المحتملة لسوريا إلى مقاعد الجامعة العربية، قال ممثل وزارة الخارجية الروسية، إيجور تساريكوف أنه يعد اتجاها هاما للتسوية السياسية في هذا البلد، بحيث تستعيد سوريا مكانتها على الساحة العربية والدولية. عودة البعثات الدبلوماسية واستئناف الرحلات أعلنت دول عديدة عزمها إعادة بعثاتها الدبلوماسية إلى سوريا بعد عودة الامن والاستقرار إلى معظم المناطق، وسط ترحيب دمشق، حيث افتتحت دولة الإمارات الخميس الماضي، سفارتها بدمشق وتفعيل عملها من جديد بعد 6 سنوات من إغلاقها، كما قام رجال أعمال إماراتيون بزيارة إلى سوريا كمؤشر لعودة العلاقات بين البلدين. كما أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات، أنها تقيم وضع مطار دمشق الدولي لتحديد إمكانية استئناف شركات الطيران رحلاتها السورية في الفترة المقبلة، بعد تعليقها في 2012. وفي ذات السياق، انطلقت، الخميس الماضي، أول رحلة طيران مباشرة من مطار دمشق الدولي إلى مطار الحبيب بورقيبة الدولي في المنستير بتونس بعد توقف دام نحو 8 سنوات، وكان على متن الطائرة 160 مواطن سوري. وجاءت زيارة الرئيس السوداني،عمر البشير، إلى سوريا مؤخرا ولقاءه الرئيس بشار الأسد، والتي تعد أول زيارة لرئيس دولة عربية إلى دمشق بعد تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في نوفمبر 2011، للإسهام في استعادة العلاقات العربية مع سوريا بشكل كامل واستئناف مشاركتها الكاملة في جامعة الدول العربية في أسرع وقت. وفي سياق متصل، تلقى الرئيس السوري، رسالة من رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، نقلها فالح الفياض مستشار الأمن الوطني العراقي تتمحور حول استمرار التنسيق بين البلدين في كافة المجالات وعلى رأسها الامني. ومن جانب آخر، ساهمت عودة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم المحررة في بعث الحياة من جديد، وأعلنت الخارجية الروسية، أن أكثر من 80 بالمائة من المواطنين السوريين يرغبون في العودة إلى وطنهم، كما أنه في كل يوم تقريبا يصل أكثر من ألف لاجئ من لبنان والأردن إلى سوريا. ويجري التحضير لعقد مؤتمر دولي حول اللاجئين السوريين مع وكالة الأممالمتحدة الخاصة المعنية ،مكتب مفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وأعضاء المجتمع الدولي المهتمين، لبحث سبل مساعدتهم على الاندماج من جديد. وكانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، قد أعلنت، أن الوكالات الأممية الإنسانية ستخصص 5.5 مليار دولار لمساعدة الدول التي استقبلت اللاجئين من سوريا وتتوقع أنه في عام 2019 سوف يتمكن نحو 250 ألف سوري من العودة إلى وطنهم. ووفقا لأرقام المفوضية، يوجد حاليا 5 مليون 654 ألف و768 لاجئ من سوريا مسجلين رسميا حول العالم معظمهم في تركيا.