المطار هي صورة الأولى التي يأخذها أي زائر عن البلد الذي يزوره، فيمكن القول أن المطار صورة مختصرة عن بلد ما، لذلك تجد بلدان العالم يهتمون بهذا الصرح الحيوي ويعطونه العناية الفائقة، من حيث تقديم خدمات رفيعة وطريقة الاستقبال وأنماط التسيير العصرية وحتى شكل بنيانه وما يمكن أن تراه العين من كل ما يحيط بمبنى المطار، الذي يعج بالوافدين الأجانب وهو ما تشهده مختلف المطارات عبر العالم، التي تحط بأرضيتها الطائرات بطرق مدروسة ودقيقة لا تترك فيها مجالا للأخطاء أو التجاوزات، وهو الأمر الذي أصبحت مطارنا يفتقد إليه بشدة، نظرا لمظاهر الطوابير الكبيرة والفوضى التي سئم منها المسافر الجزائري والأجنبي على السواء في كل مرة احتاج فيها إلى دخول أومغادرة التراب الوطني، وإن كانت تنقلات المسافر عبر الخطوط الداخلية هي الأخرى لم تسلم من ذلك. أما ونحن بصدد توديع صيف 0102، فعلينا العودة إلى ما تواجه مؤسسة الخطوط الجوية الجزائرية من مشاكل، باعتبارها المؤسسة الجزائرية الوحيدة في الميدان، وهي المشاكل التي نبعت في الأساس من نقائص مست تدني الخدمات وسوء التنظيم والتسيير، فحتى مؤسسة تسيير مطارات الجزائر ساهمت بشكل كبير في ذلك، فأول ما يصدمك بمطار هواري بومدين الدولي تلك الطوابير الطويلة والفوضى التي تسجل عند بوابات مراقبة جوازات السفر من قبل شرطة الحدود، مما يرغم المواطنين على الوقوف لأكثر من ساعة في طوابير من الفوضى، وهم متعبون بساعات طويلة من السفر، تطبع وجوههم علامات الخيبة والاستياء. ما محل الخطوط الخارجية في الإقلاع السياحي؟ مع حلول كل موسم اصطياف يشرع المغتربون الجزائريون في التخطيط لأخذ عُطلهم والانتقال إلى الجزائر، وهو ما يتطلب تقديم طلب رسمي إلى الشركة أو المؤسسة التي يشتغلون بها لأخذ عطلهم السنوية، المغتربون وخصوصا أصحاب العائلات يسمون هذا الشهر بشهر المعاناة، نظرا للطوابير الطويلة التي يشكلونها في انتظار أدوارهم لساعات طويلة من أجل اقتناء التذاكر، على مستوى مكاتب الخطوط الجوية الجزائرية بالمطارات الأجنبية، محرومين من الجلوس، إضافة إلى أن المسافر عبر الخطوط الجوية الجزائرية قد لا يضمن السفر في التوقيت الذي حدد له من طرف الشركة، ليس بسبب تأخر مواعيد الطائرة بل لأسباب أخرى تتعلق بعدم إيجاد اسمه على لائحة المسافرين، رغم تردده مرارا على مكتب الخطوط الجوية بالمطار وتأكيدهم على الحجز، ورغم اقتناء المواطن أو المسافر على السواء للتذاكر المطلوبة نحو وجهته إلا أن العديد منهم أكدو ل السياسي' أن رحلاتهم تؤجل، وما حدث في قضية عشرات المعتمرين الجزائريين الذين عاشوا أجواء احتقان وتوتر داخل مطارات السعودية خلال سبتمبر الماضي، بسبب تأخر عودتهم لأرض الوطن إلا نقطة من ماء بحر مما يحدث بشكل يومي في كواليس النقل الجوي لمؤسسة الخطوط الجوية الجزائرية. متى ينتهي كابوس التأخرات ؟ أصبح من العادي جدا ونحن على مشارف 1102 أن تتأخر الطائرة خمس ساعات عن الإقلاع، ومن العادي أن تلغى الرحلة دون سبب، وقد روت السيدة 'تواتي' من بلدية براقي قصة انتظارها وعائلتها لأم زوجها الوافدة من مدينة ليون الفرنسية لمدة تزيد عن اليومين، حيث كان يفترض وصول طائرة الخطوط الجوية الجزائرية على الساعة التاسعة صباحا، لكن العائلة بقيت في انتظار الجدة التي لم تصل، مما اضطرهم إلى العودة إلى منازلهم في حدود الساعة السادسة مساء منهكو القوى بعد أن اتصلت بهم الجدة لتطلعهم أن الرحلة قد تأجلت ليوم الغد، وقد لعبت هنا الجدة دور مؤسسة الخطوط الجوية الجزائرية التي كان يفترض بها إطلاع المواطنين على تغيير موعد الطائرة مسبقا، كما أن المسافة التي قطعتها الجدة من مدينة ليون إلى الجزائر، ما كانت لتأخذ كل هذا الوقت لوكان الطريق البري نحوها متوفرا. فيما تأتي مشاكل احتجاز المسافرين في المطار بعد وصولهم إلى الجزائر في قائمة الانشغالات التي تم طرحها من قبلهم، حيث يضطرون إلى الانتظار لساعات طويلة قبل إتمام إجراءات دخولهم، أما في طريق العودة فيُمسك المغتربون ببطونهم مخافة إلغاء الرحلات الجوية إلى الخارج، نظرا لتعطل أعمالهم التي تتقيد بأنظمة عطل محددة، وتعطل الدخول المدرسي لأطفالهم، وتسود بينهم نظرات الاستغراب والتعجب وهم يرون العجب، من اختلال فادح في مواعيد الطائرات، ما يجعلنا نتسائل عما سيكون موقف الشخص الذي يفكر بالحضور من أجل السياحة في الجزائر، وما ستكون نظرته عن المطار إن لم نقل الواجهة الجوية لقطاع السياحة بالجزائر؟ عندما يصبح السفر عبر القطار أسرع من الطائرة والتنقل عبر الخطوط الداخلية ليس أحسن من سابقه نظرا لجملة التأخيرات والتأجيلات في مواعيد الطائرات المتوجهة نحو الصحراء الجزائرية وغيرها من الولايات، حيث أكد المواطنون الذين التقتهم 'السياسي' في هذا الصدد أنهم سئموا من الانتظار لساعات طويلة في بهو المطار، وقد أكدت السيدة 'مدني سعاد' أنها وبحكم مهنتها في مديرية التربية بولاية تمنراست فهي تضطر إلى الانتظار لما يزيد عن أربع ساعات في كل مرة تسافر فيها، وبما أن الخطوط الجوية الجزائرية هي الوحيدة في النقل الجوي الداخلي لحد الساعة، فالبرامج التي تسطرها لنقل المسافرين على مستوى كامل التراب الوطني لا تخضع للدقة المطلوبة، ولا تعير المواطنين أي اهتمام خاصة منهم المسافرين نحو الجنوب، والأمر الذي لم يعد بمقدور المواطن تحمله، حسب ما أكده العديد منهم بالمطار الداخلي هو تأخر مواعيد الطائرات لآجال غير محددة، بحيث لا تكلف نفسها مؤسسة الخطوط الجوية الجزائرية عناء توفير المعلومات المطلوبة حول تأخر الرحلات للمواطن. وهو الأمر الذي حدث لوفد من وزارة الثقافة والصحفيين المرافقين له، الذي توجه في مارس الماضي نحو تمنراست من أجل حضور الأيام الإعلامية حول التنوع البيولوجي، حيث تأخر موعد إقلاع الطائرة من 7103 مساء حتى ما بعد 1203 مساء، ليصلوا تمنراست مابعد الساعة الثانية ليلا. المواطن يتحدث.. أكد أحد المواطنين في حديثه ل'السياسي' على زيادة التأخرات عن حدها المطلوب قائلا ' في يوم 90 جويلية اتجهت إلى مطار هواري بومدين لامتطاء الطائرة المقرر إقلاعها باتجاه أدرار على الساعة السادسة وثلاثون دقيقة مساء، حسب التذكرة التي كنت أحملها من طرف الخطوط الجوية الجزائرية لكنها لم تقلع حتى الساعة الثالثة والعشرين ليلا، ولم نتلق أية معلومات حول الرحلة، مما جعلنا نطرح عدة تساؤلات لم تحظ بالإجابة، هل ستقلع الطائرة أم لا؟ هل أجلت أم لا؟ وبقيت أنا وكل المواطنين في حيرة من أمرنا، فمنهم من غادر الفندق وليس له مأوى ومنهم من جاء من ولاية أخرى لامتطاء طائرة أدرار، لكن تهب الرياح بما لا تشتهي السفن'. ما يعيشه المواطنون من معاناة دائمة مع الخطوط الجوية الجزائرية نظرا لتأخير الرحلات وفي بعض الأحيان إلغائها كلية، بالاضافة إلى انعدام وسائل الراحة بالمطار ونقص المعلومات حول الرحلات المبرمجة، جعلهم يناشدون وزير السياحة إسماعيل ميمون عبر السياسي بضرورة التدخل من أجل حفظ حقوق المسافر في الخدمة الجيدة والاحترام من طرف الشركة ومسئوليها، وهي الأوضاع التي من شأنها أن تؤثر على سمعة المؤسسة وتؤدي إلى تقلص مرتاديها، الدين أصبحوا يفضلون عناء التنقل البري على عناء الانتظار لمواعيد غير محددة. فقدان الحقائب..سوء تسيير أو ماذا؟ تتزايد المشاكل الناجمة عن ضياع أمتعة المسافرين على متن شركة الخطوط الجوية الجزائرية، والغريب في الأمر أن موظفو هذه المصلحة يشددون على أن ضياع الأمتعة ليس متولد عن خطأ من الخطوط الجوية الجزائرية، ويصرون على أن الخدمة التابعة لمصالح التسجيل والأمتعة في المطارات الدولية الخارجية هي التي تتحمل المسؤولية وليس الجزائرية، وحسب ما أفاده بعض المسافرين القادمين من بعض الدول الأجنبية ل 'السياسي' فان المؤسسة الوطنية للخطوط الجوية الجزائرية ترفض تقديم تعويضات بالنسبة للمسافرين الذين فقدوا أمتعتهم'، وهو المشكل الذي تزيد حدته خلال فترات الصيف، ومن جهته أكد مصدر مقرب من الخطوط الجوية الجزائرية، أن المشكل ناجم عن قلة العمال المخصصين في مصالح الأمتعة، مشيرا إلى أن مشكل الضياع هذا قليلا ما يحدث في الشركات الجوية الأجنبية الناشطة بالجزائر مقارنة بالشركة الوطنية. من جهة أخرى تتسبب التصرفات العشوائية من طرف عمال المؤسسة، والتي تطبعها المحسوبية ولغة سالمعريفة'، في تدمر العديد من المواطنين الدين يجدون أنفسهم مجبرين على التخلي على أدوارهم، أو عرضة لفقدان تذاكرهم خدمة لصديق المؤسسة، الذي لا يكلف نفسه عناء التنقل حتى إلى مكاتب المؤسسة من أجل الحجز، بحيث يفي في مثل هذه الحالة اتصال هاتفي واحد بالغرض. المطار ينام على الساعة السابعة مساء يواجه المسافرون مشكلا آخر يدخل في إطار نقص الخدمات وتدهورها، في مطار هواري بومدين الدولي، حيث توصد مختلف المكاتب والمحلات التجارية المتواجدة عبر المطار أبوابها في حدود الساعة السابعة ليلا، رغم وجود العديد من الرحلات الليلية، وهي النقطة السوداء من بين العديدة المسجلة عبر مطار يعتبر من بين أهم المرافق العالمية التي تهتم بحركة وفود وذهاب السواح وكبار رجالات الأعمال الأجانب، حيث يضطر المسافر ليلا إلى حمل كل ما يحتاجه خلال الرحلة من بيته، وهو الأمر الذي لا يتفطن له مختلف المسافرين بالنظر إلى أن معظم المطارات العالمية تخضع لنظام المناوبة في تسيير المحلات التجارية، وتفرض على التجار احترامه حرصا على توفير مختلف الاحتياجات للمسافر عبرها. حل 'لامال'.. 'سي بون' تفضل أول ما يقف عليه القاصد لمطار هواري بومدين هو جملة الإجراءات الأمنية التي يخضع لها، حيث لم توفر التكنولوجيا الحديثة على المسافر عناء الخضوع لجملة من الإجراءات التفتيشية اليدوية، من خلال ما يمارسه أعوان الأمن عند دخول السيارات إلى المطار، بحيث وعلى الرغم من وجود آلات حديثة أنفقت عليها الدولة مبالغ مالية معتبرة في سبيل راحة المسافر، يبقى هذا الأخير يعاني من التأخير المستمر بسبب عمليات التفتيش التي تتطلب فتح صندوق السيارة ثم غلقه دون تفتيشه، أو حتى إلقاء نظرة وجيزة عليها، وذلك بالغرم من أنه يمر على حاجزين لشرطة المطار، وهو ما جعل العديد منهم يطالبون بإلغاء هذا الإجراء الشكلي ما دام لا يمارس بالطريقة المطلوبة، ولا يقوم بدوره المتوخى في توفير الأمن للمواطن عبر المطار. وما يقوم به العون سوى أن يقول لك: 'حل 'لامال'..'سي بون' 'تفضل'، وتساءل المسافر هل يعلم السلطات المعنية بهذا المشكل؟