خلّف خبر إيداع شقيق الرئيس الاسبق، السعيد بوتفليقة، ورئيسي جهاز الاستخبارات السابقين، الفريق محمد مدين المدعو توفيق، والجنرال عثمان طرطاق المعروف ب البشير ، الحبس المؤقت، ارتياحا شعبيا وسياسيا كبيرا ووصف بأنه ضربة قاضية للعصابة، خصوصا وأن هذا الثلاثي يمثل، حسبهم، رأس الأفعى . واهتزت الجزائر، ساعات قليلة بعد إسدال الستار على الجمعة الحادية عشر من الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد منذ 22 فيفري، على وقع خبر توقيف الملقبين برؤوس العصابة، وهم شقيق الرئيس الاسبق السعيد بوتفليقة ورئيسي جهاز الاستخبارات السابقين الجنرالان محمد مدين المدعو توفيق وعثمان طرطاڤ المعروف ب البشير . وجاء الاعتقال بعد عشرة أيام من توجيه نائب وزير الدفاع الوطني الفريق، أحمد ڤايد صالح، تحذيرا مباشرا باتخاذ إجراءات صارمة في حق الجنرال توفيق، بسبب ما اعتبرها الجيش ب الاجتماعات المشبوهة التي تعقد في الخفاء من أجل التآمر على مطالب الشعب ومن أجل عرقلة مساعي الجيش ومقترحاته . وخلّف اعتقال الثلاثي ارتياحا شعبيا كبيرا، تم التعبير عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب نشطاء: شكرا للحراك الشعبي الذي أسقط حكم العصابة، وشكرا للجيش الذي حمى مطالب الشعب. بقي فقط أن نكون أذكياء من أجل المرور بسلاسة وسلام إلى بر الأمان . بينما اعتبر آخرون، أن ما تم هو إنجاز كبير، وسيكون أكبر عندما يدخل هؤلاء ومعهم آخرون الحبس نظير فسادهم وخبثهم وخيانتهم وتآمرهم على البلد. ضربة قاسية للعصابة ويقول في الموضوع محللون سياسيون، إن ما حدث من اعتقال كل من سعيد بوتفليقة والفريق محمد مدين واللواء عثمان طرطاڤ هي عملية لتفكيك العصابة التي كانت تسعى للانقلاب على الإرادة الشعبية في البلاد. بينما يعتقد القيادي في حركة مجتمع السلم، عبد الرحمان سعيدي، أن توقيف الفريق توفيق واللواء طرطاڤ والمستشار سعيد بوتفليقة أخ الرئيس السابق من طرف الأمن الداخلي، يعتبر ضربة قاسية لها ولما بعدها. ويرى المتحدث، أن الأيام القادمة ستكون حبلى بوضع سياسي وامني فيه تحولات يعد نهاية بداية مشروع مضاد للحراك الشعبي، الذي بدأ يعرف تذبذب واضطراب الرؤية وضيق في الأفق، فكان يترصده هجوم مضاد ثلاثي القيادة أو رأس الحربة المسمومة. وقال إن الثلاثي المضاد يشكل قرار الثورة المضادة وكان في لحظة وضع المشروع وتحضير للتكليف لجهات المناولة والتقييم الوضع والانطلاق في المضادات السياسية والإعلامية والأمنية والمالية للحراك، وعلى رأس تنفيذ المضادات مخطط اضرار بالمؤسسة العسكرية وقيادتها واتهامها باتهامات خطيرة وتوتير العلاقة بينها وبين الحراك الشعبي، وظهرت عناوين المخطط في الحراك الشعبي وفي منشايت الصحف والمواقع الإلكترونية. تطور نوعي في حملة الإعتقالات بدورها، اعتبرت حركة مجتمع السلم، مساءلة شقيق ومستشار رئيس الجمهورية السابق، عبد العزيز بوتفليقة، والمسؤولين السابقين عن جهاز المخابرات، تطورا نوعيا مهما في حملة الاعتقالات الجارية في الجزائر. وأكدت حمس، في بيان لها أمس، بأن الذي أنشأ العصابة ومكّن لها وحصّن رؤوسها هو النظام السياسي القائم على التزوير الانتخابي ومصادرة الإرادة الشعبية، مضيفا: إن الذي يحفظ البلد من تشكيل عصابة أخرى وبروز قادة مافيويين آخرين ونهب جديد لثروات الوطن هو الديمقراطية الحقة لا غير . وأشادت التشكيلة السياسية لعبد الرزاق مقري، بدور المؤسسة العسكرية في محاربة الفاسد، موضحة في هذا السياق: إن العزمات اللحظية والشخصية لمحاربة الفساد وتوقيف الرؤوس المتهمين بالفتنة من قبل قيادة الأركان مهما كانوا مهمة ولا شك، وأصحابها مشكورون . وفي السياق، أكد البيان: إن الانطلاق في مسار مكافحة الفساد ومتابعة المتهمين بالتآمر مهم جدا ويجب تأييده ومساندته شعبيا . وشددت حركة مجتمع السلم بأن مصلحة البلد وضمان ازدهاره وتطوره تكمن في تجسيد نظام سياسي مدني حقيقي والخروج نهائيا من نظام الواجهة الديمقراطية، متابعة: كما أن مصلحة المؤسسة العسكرية وضمان استمرار مصداقيتها واستمرار الالتحام الذي تحقق بينها وبين الشعب في الحراك الشعبي يكمن في مرافقتها الحقيقية والصادقة للانتقال الديمقراطي السلس . إنجاز كبير من جهته، دعا أبوجرة سلطاني، رئيس منتدى الوسطية، والوزير السابق، إلى الوقوف لجانب المؤسسة العسكرية، والاستجابة إلى دعوة الحوار التي تحدث عنها رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد ڤايد صالح. وقال سلطاني في بيان أمس: نرى أن لحظة التساند بين الشعب والمؤسسة العسكرية باتت واجبًا وطنيًا لحماية مكاسب الحراك ، مضيفا: يجب أن يتعزز التوافق والتكامل والثقة ووحدة الهدف بين الجيش والحراك لاستكمال بناء الجزائر المنشودة . ويعتقد سلطاني أن ما أُنجز منذ بداية الحراك شيء كثير، ومحاصرة رموز الفساد خطوة أساسية على طريق الحل الدستوري، لتفكيك القوى غير الدستورية، وتبديد أوهام الثورة المضادة، وتقويض جهود الملوحين بتصعيد سلمية الحراك إلى العنف والفوضى باللعب على أوتار الجهوية واللغة والعنصرية والانتقائية واللون الايديولوجي بتبديد هذه المخاوف انتقل الحراك إلى لحظة الحسم الفاصلة بين مرحلة الحشد الشعبي ومرحلة الحسم النخبوي. وعليه، يعتقد رئيس حركة مجتمع السلم سابقًا، أن هذه المرحلة الحساسة تُوجب اسناد مؤسسة الجيش بكل قوة والاستجابة لدعوتها إلى حوار وطني جاد لبلورة خريطة طريق توافقية تكون مخرجاتها إعادة رسم المشهد السياسي برمته على أسس جديدة. أما المدخلات، فتقررها الأطراف المشاركة في الحوار برعاية الجيش ومرافقته وضمان نتائج الحوار. ونبّه نفس المتحدث، إلى أن الطريق مازال طويلًا، والوقت صار ضاغطًا، ولكن البدايات مشجعة ومسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة في الاتجاه الصحيح. وقد بدأت.