شدد كريم جودي وزير المالية، أمس، بالجزائر على أن التسيير الاحترازي للنفقات العمومية الذي تحدثت عنه الحكومة كضرورة لمواجهة الانعكاسات المالية لتراجع أسعار البترول يستثني كل تخفيض في الأجور والتحويلات الاجتماعية ودعم الأسعار، وأكد وزير المالية أن تراجع أسعار البترول المسجل خلال الأشهر الأخيرة أثار انشغال الجزائر لكنه لا يهدد توازناتها المالية حاليا إذ أن تحديد النفقات الفعلية للدولة تم على أساس 75 دولار فقط. وأوضح وزير المالية أن تسير جيد للشؤون العمومية يتطلب بالفعل تحديد وتسقيف نفقات التسيير، غير أنه طمأن بأن الأجور والتحويلات الاجتماعية ودعم الأسعار لن يمسها هذا الإجراء، في نفس السياق أكد وزير المالية في تصريح للإذاعة الوطنية، أن مسار النفقات الجارية سيستمر رغم كل شيء وأن هذه النفقات ستستقر في مستوى مقبول لاسيما مع نهاية عمليات دفع المؤخرات المتعلقة بالأنظمة التعويضية والقوانين الخاصة الوظيف العمومي. جودي لا يستبعد اللجوء لاحتياطات الصرف لتجاوز أزمة انخفاض أسعار البترول وقال جودي: «يثير تراجع أسعار البترول انشغالنا ويدفعونا الى التزام الحذر لكن لا يجب علينا تجاهل عاملين هامين: فنفقاتنا الفعلية المسجلة عند نهاية السنة تقوم على أساس 75 دولار لبرميل البترول، وأن طاقاتنا التمويلية المتراكمة بفضل صندوق ضبط الإرادات بخصوص احتياطات الصرف وتسديد الديون تعد معتبرة"،ويضاف إلى هاذين العاملين للتأمين المالي النمو السنوي بنسبة 20 بالمئة في عائدات الجباية العادية المدعمة بالطلب العمومي و النمو المتزايد خارج المحروقات، وحسب ذات المسؤول فإنه يجب اعتبار هذا الحذر مجرد عامل للتسيير الفعلي لسياسة الاقتصادية والمالية من أجل توقع الأوضاع التي من شأنها الأضرار بتوازناتنا الداخلية والخارجية. وفيما يخص احتمال اللجوء إلى الادخار العمومي المتوفر بصندوق ضبط الإرادات المزود ب 5300 مليار دج (أكثر من 71 مليار دولار) عند نهاية 2011، واحتياطات الصرف التي تقارب 200 مليار دولار صرح المسؤول الأول عن خزينة الدولة أن الأمر يتعلق بعوامل تعديل يمكن استعمالها في آخر المطاف، كما أكد جودي أن احتياطات الصرف التي تمثل كمية العملة الصعبة التي تم إدخالها إلى الجزائر والمحولة إلى الدينار الجزائري هي ملك للدولة وللمجموعة الوطنية.
تنفيذ المخطط الخماسي الحالي مضمون مهما انخفضت أسعار الخام
وردا عن سؤال حول تخفيض محتمل في نفقات التجهيز في حالة ما إذا تأكد توجه أسعار البترول نحو التراجع أوضح السيد جودي أن الأمر ليس متوقعا على المدى المتوسط، حيث أن 83 بالمئة من النفقات المدرجة في إطار المخطط الخماسي للاستثمار (2010-2014) قد تم تبلغيها، وعليه فان تنفيذ المخطط مضمون مهما كان تطور أسعار الخام مستقبلا. من جهة أخرى، فإن الدولة عازمة على إبقاء سياسة الدعم المباشر للأسعار مثل الدعم الخاص للحليب والقمح والزيت والسكر والدعم غير المباشر مثل تطهير مؤسسات إنتاج الكهرباء على سبيل المثال، ويذكر أن ميزانية الدولة لسنة 2012 رصدت 2850 مليار دج ( حوالي 39 مليار دولار) بالنسبة لأجور الموظفين، وأكثر من 1300 مليار دج بالنسبة للتحويلات الاجتماعية و حوالي 200 مليار دج بالنسبة لدعم المواد الأساسية: الحليب والحبوب والسكر والزيوت الغذائية، وعليه فان المبالغ المالية المرصدة لميزانية التسيير والمقدرة بأكثر من 4600 مليار دج قد تضاعفت منذ سنة 2008 حيث لم تكن تقدر سوى ب 2363.2 مليار دج قانون المالية التكميلي 2008. كما خصص قانون المالية التكميلي لسنة 2012 الذي ينص على إجمالي نفقات يقدر ب 7428 مليار دج وعجز مالي يساوي 25.4 بالمئة من الناتج الداخلي الخام غلافا ماليا إضافيا قيمته 317 مليار دج من أجل التكفل بالزيادات في الأجور لسنة 2011، وقد ارجع جودي ارتفاع نسبة التضخم إلى هذه الزيادات حيث بلغت مستوى قياسي ب6.9 بالمئة نهاية ماي 2012، كما أضاف أنه إذا لم يكن للاستيراد الهام للسيارات السياحية جراء الزيادة في الأجور تأثير على التضخم فان الاستهلاك الداخلي المرتفع بسبب هذه الزيادات قد شجع هو الآخر ارتفاع نسبة التضخم. وكانت أسعار البترول قد تراجعت بشكل كبير الجمعة الماضي إذ انخفضت بأكثر من دولارين للبرميل بسوق لندن و نيويورك علما أن سعر برميل برنت بحر الشمال الخاص بعقود شهر أوت بلغ 98.37 دولار أي بانخفاض قدر ب2.33 دولار مقارنة بجلسة الاختتام لنفس اليوم. وكان بنك الجزائر قد حذر مؤخرا من استمرار ارتفاع النفقات العمومية معتبرا أن الجزائر بحاجة إلى سعر برميل يفوق 110 دولار للحفاظ على توازنها المالي علما أن العائدات البترولية تمثل 97 بالمئة من مداخيل الجزائر وأكثر من 70 بالمئة من العائدات المالية.