يتأكد يوم بعد يوم أن الاستخبارات الإسرائيلية ليست بالقوة التي يعتقدها كثيرون ولعل هذا ما ظهر واضحا في فضيحة اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح وما أعقبها من مفاجأة قيام الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله بزيارة سوريا دون أن يرصده الموساد وطائرات التجسس التي تحلق في سماء لبنان ليل نهار. فالزيارة السابقة لم تسبب فقط صدمة لتل أبيب التي طالما زعمت أنها نجحت في تقييد حركة نصر الله منذ نهاية حرب تموز عام 2006، وإنما كشفت أيضا أن أجهزة الاستخبارات العربية تتفوق على الموساد وهذا ما تأكد في توصل سلطات دبي سريعا لقتلة المبحوح وفضح إسرائيل أمام العالم، بالإضافة إلى ظهور حقيقة أخرى مفادها أن لحزب الله من القدرات الأمنية على التمويه والمناورة ما يضمن لأمينه العام حرية الحركة وفقا لاعتباراته السياسية والأمنية بعيدا عن أعين إسرائيل وأجهزة رصدها الجوية المتطورة تقنيا. بل واللافت للانتباه أيضا أن بلطجة إسرائيل بدت هشة أمام تحدي نصر الله، وهذا ما حاول التأكيد عليه خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في ضاحية بيروت الجنوبية. ففي كلمته خلال الاحتفال الذي أقيم في مطلع شهر مارس، ربط نصر الله بين تهديداته التي أطلقها في 16 فيفري الماضي خلال إحياء ذكرى اغتيال عماد مغنية بضرب مطار بن غوريون في تل أبيب وتراجع خطابات التهديد الإسرائيلية بضرب لبنان وسوريا وإيران. وأضاف قائلا: »يعلمون جيدا (الإسرائيليون) أن كل كلمة قيلت ما كانت لتقال لولا اليقين القطعي بإمكانية تنفيذها وتحقيقها وإن ما قيل هو البعض وليس كل شيء، لأننا اتفقنا أن هناك شيئا يجب أن نبقيه للمفاجآت«. وتطرق في كلمته إلى اللقاء الثلاثي الذي جمعه بالرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في دمشق في 25 فيفري والذي يعتبر أول ظهور علني له منذ اختفائه عن المحافل العامة إثر حرب جوان 2006، مشيراً إلى أن هذا اللقاء يدحض ما يتم تناقله عن تباعد بين هذه الأطراف ويشكل ردا كافياً على ما أسماه ب »الرسائل الأمريكية« التي وصلت قبل قمة دمشق، في إشارة إلى تعيين سفير أمريكي جديد لدى سوريا وتصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي طالبت خلالها دمشق صراحة بالابتعاد عن إيران والتخلي عن دعم حركات المقاومة. واستطرد »التقارير المتناقلة عن تباعد إيران وسوريا وحزب الله مجرد كذب، قيل الكثير عن خلاف بين سوريا وإيران وتباعد سوري إيراني وتباعد بين سوريا والمقاومة في لبنان، هؤلاء يكذبون ويكذبون إلى حد أنهم يصدقون الكذبة ويعملون بها، لكن هذا ليس له أي أساس أو واقع واللقاء الثلاثي أثبت هذا الموضوع«. واختتم بتحذير إسرائيل قائلا: »أنا أقول لهم خرجتم من لبنان نهائياً.. وأقول لكم لن تستطيعوا أن تعودوا إلى لبنان نهائيا«.