«السياسي» تزور حي الزيتون القصديري بجسر قسنطينة وترصد انطباعات المبشَرين بالترحيل «إيداعنا لملف استعجالي لأوّل مرة أقنعنا بأن الترحيل قريب» يعيش سكان حي الزيتون القصديري الذي يعتبر من أقدم الأحياء المتواجد ببلدية جسر قسنطينة هذه الأيام حالة طواؤئ وتأهّب خاصة على مستوى مصلحة الحالة المدنية وملحقاتها التي عرفت في اليومين الأخيرين توافدا كبيرا للمواطنين الذين تنقلوا إليها بمجرّد أن تمّ إعلامهم بضرورة إيداع ملفّات مستعجلة وحساسة للاستفادة من سكن اجتماعي لائق عن قريب، بعد تكبد مرارة أكثر من 23 سنة بسكنات تحوي الكثير من البأس والأسى معرّضة بذلك صحتهم وسلامتهم للخطر. «السياسي» فضلت التوجّه إلى ذات الحي بغية رصد انطباعات المواطنين الذين طالما حلموا بهذه اللحظات التي ستترك في أنفسهم بصمة لا تمحى، بعد أن خابت آمالهم عدة مرّات انتشرت إثرها إشاعات حول الترحيل وهي التي غمرت قلوبهم فرحا وبهجة غير أنه سرعان ما انقلبت تلك السعادة إلى حزن واقتناع بما قسمه الله لهم. مواطنون بين متفائل ومتخوّف كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحا من اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان، دخلنا حي الزيتون القصديري الذي يعتبر من أقدم الأحياء الفوضوية على مستوى بلدية جسر قسنطينة، الحي بدا خاليا من المواطنين القاطنين به، تنقلنا بين ممرّاته الضيّقة التي لا تكفي لمرور شخصين في آن واحد، حرارة مرتفعة، هدوء وسكون بين سكنات الصفيح إلاّ من صوت بعض الأطفال الذين كان بعضهم يلعب بالخارج والبعض الآخر كان يقتني بعض الاحتياجات اليومية من أحد المحلات الصغيرة الخاصة ببيع المواد الغذائية، التقينا بأوّل مواطن كان بجوار بيته غير أنّه ورغم الخبر الذي انتشر بسرعة البرق وسط المواطنين والمتمثل في إمكانية ترحيلهم إلى سكنات جديدة تنسيهم مشقة أعوام مضت لم تدخل الفرحة في قلبه، حيث أكّد أنّهم ومنذ زمن وهم يسمعون بإشاعات الترحيل التي في كلّ مرّة تخيّب آمالهم وطموحاتهم في التمتّع بسكن لائق خاصة وأّن في هذه المرّة ورغم أنّ المحصيين مطالبين بدفع الملف الخاص المكوّن من 12 وثيقة قانونية رسمية وهي التي اطّلعت عليها «السياسي» للاستفادة من شقّة لم يحرك له ساكنا، خاصّة وأّن ّ السلطات المعنية لم تؤكد الخبر وهو ما يجعله لا يطمئن للوضع القائم، يضيف المتحدث. كما أشار في ذات السياق أن الحي يضمّ مواطنين من عدة جهات سواء من العاصمة بالتحديد من منطقة «سالومبيي»، «ديار الشمس» وكذا من ولايات أخرى على غرار المديّة، بوسعادة، الجلفة، وغيرهم ولكل عائلة أوضاعها الخاصة التي رمت بها في هذا الحي القصديري. وفي ذات السياق أبدى مواطن آخر، كان بصدد الذهاب لدفع الملف الخاص بالسكن بعد توجهه إلى إحدى المدارس لاستقبال الملفات تفاؤله من الاجراءات التي تقوم بها المصالح المحلية التي باشرت بمطالبتهم بدفع الملفات الخاصة في أقرب الآجال مؤكدا أنه يقطن بالحي منذ 1984 بعد أن رحّلوا من حي «السارفونتاس» بسبب مشروع بناء فندق السوفيتال آنذاك إلى شقة بحي السوريكال، غير أنّ المشكل بقي نفسه بحكم أنّه من عائلة كبيرة العدد ما جعله يضطر الى الخرج من الشقّة ليستقر بحي الزيتون بعين النعجة منذ ذالك الوقت ليعيش مدة 25 سنة بالمنطقة التي تفتقر إلى أدنى المرافق الضرورية في انتظار الفرج. أكثر من 15 عائلة متذمّرة من عدم حصولهم على وصل إيداع الملفات في حديث ذي صلة أشارت الطالبة «إلهام» أن التخوّف الوحيد الذي يعتري قاطني حي الزيتون الفوضوي هو عدم تمكّن جميع المواطنين من السكن بشقة جديدة بحكم أنّ بلدية جسر قسنطينة تعتبر أكبر بلدية تحوي على بيوت الصفيح، مؤكّدة أنّ الاجراءات تمت في وضع جدّ منتظم حيث قام رئيس لجنة جمعية الحي بالنّداء على كل المواطنين المحصيين لأجل استلامهم وصل ايداع ملفّاتهم، مع تجريد أكثر من 15 عائلة من عملية الحصول على وصل الايداع وهو ما أثار تذمّر بعض هؤلاء المواطنين رغم توفّر سكناتهم على رقم وعدّاد خاص بالبيت يضيف المواطن «ع.ط». الأسر الجديدة غير المحصية في حيرة من أمرها أشارت نفس المتحدّثة أنّ أكبر مشكلة تتخلّل عملية إيداع الملفات هي مشكلة أبناء الحي ممّن ولدوا وكبروا وتزوجوا بالمنطقة غير أنّ اسمهم غير موجود بالقوائم التي تضمّ العائلات المحصية، بحجّة عدم امتلاكهم رقم الباب ورقم العداد الكهربائي الخاص بهم بما أنهم لايزالون يسكنون بالبيت العائلي، مؤكّدة أنّ المشكل سيبقى نفسه في حال ما تم ترحيل هذه الأسر الصغيرة رفقة العائلة الأم ما يجعلهم يعيشون في ضيق منذ اليوم الأوّل وهو ما يجبرهم على الخروج من جديد إلى السكن ببيوت الصفيح مرّة أخرى خاصة وأنّ ظروفهم الاجتماعية لا تسمح لهم بتسديد أسعار الايجار التي تعتبر باهظة بالنسبة إلى وضعهم المعيشي، حيث أشارت إلاّ أنّ هؤلاء المتزوجين قرّروا عدم الخروج من المنطقة في حالة ترحيلهم مع العائلة ككل. تفاؤل .. وأمل رغم مشقة 24 سنة قاطنو حي الزيتون ورغم مرارة العيش التي تكبّدوها لعدة سنوات في مكان يفتقر إلى كل المرافق الضرورية الواجب توفّرها بأيّ مجمّع سكني غير أنّ التفاؤل والأمل لا يزال ينتابهم وهو ما ظهر جليا على محيّاهم رغم رصدهم للصعوبات التي واجهتهم طيلة أيّام السنة مبديين اقتناعهم بما كتبه الله لهم وهو ما لمحناه من خلال حديثنا مع إحدى المواطنات التي اتخذت من منطقة حي الزيتون مكانا للسكن بإحدى البيوت القصديرية منذ سنة 1989 بعدما رمت بها ظروف اجتماعية قاسية وضيق شديد بالشقة التي كانت تقطن بها بحي ديار الشمس بالمدنية، مشيرة إلى أنّ المنطقة كانت تحوي على 45 بيت فوضوي فقط لتصل إلى حوالي 350 عائلة. كما أشارت ذات المواطنة أنّ من حقهم العيش ببيت لائق يحفظ ماء وجههم وكرامتهم بعد أنّ قضوا مدة 12 سنة بلا ماء ولا كهرباء ولا غاز وهو الوضع الذي كبّدهم مشقّة كبيرة في حصولهم على الماء الشروب والكهرباء التي ربطت بطريقة عشوائية مهدّدة بذالك حياتهم للخطر في العديد من المرات بعد حدوث شرارات كهربائية كادت أن تودي بحياة الكثير منهم، إلى أن تم وضع أعمدة كهربائية جديدة منذ 2007 وتم إدخال الماء الشروب بمالهم الخاص منذ ما يقارب السنة للتخفيف ولو القليل من المشقّة التي أنهكت قواهم، لتختم كلامها.. «إن شاء الله فيها خير... و«ما بقاش قد اللّي فات»، ليكون بذلك تفاؤلها ختام حديثها.