يعاني الكثير من الجزائريين أمراضا عدة وخطيرة تهدد صحتهم وحياتهم،دنتيجة لعوامل وأسباب اقتصادية واجتماعية عملت على التأثير على شخصية المواطن البسيط وسلوكياته مع المحيط الذي يتعامل معه سواء كانت في العمل أو مع أسرته، ويعتبر الضغط النفسي من ابرز ما يميز المواطن الجزائري البسيط، حيث يعتبر هذا الأخير من الناحية العلمية العامل النفسي والسيكولوجي على كيان الفرد البنيوي الداخلي، والذي يؤثر على قدرته في القيام بأعماله وواجباته على أكمل وجه، إضافة إلى الضغط الاجتماعي الذي يشير إلى أنماط حياة المواطنين، التي تساهم فيها عوامل ومصادر تزيد من حدة التوتر النفسي للجزائريين، هي أسباب مباشرة أدت بهم للجوء لاستعمال مختلف المهدئات والأقراص المسكنة للصداع والإرهاق البدني، لتجعل شريحة عريضة من المواطنين يقعون فريسة الإدمان على هذه الأدوية المسكنة والتي أصبحت خطرا حقيقيا يهدد صحة المواطن الجزائري، ومن هنا ارتأت «السياسي» أن تسلط الضوء على الموضوع من عدة جوانب، من خلال التقرب من المواطنين ومعرفة الأسباب الحقيقية وراء تناول مثل هذه الأدوية، إضافة إلى معرفة آثارها السلبية على صحة المواطن والعوامل والأسباب السيكولوجية التي أصبحت صفات مترسخة في شخصية الكثير من المواطنين. النرفزة والعصبية.. صفة بارزة في سلوك الجزائريين تتميز الكثير من فئات المجتمع بطبع خاص عن بقية الشعوب والبلدان المجاورة، وتبقى العصبية وسرعة الانفعال سمة بارزة عند المواطن الجزائري بصفة عامة ويرجعها الباحثون لعدة اسباب وعوامل متعلقة بالتاريخ الاستعماري الذي مرت به البلاد والاضطهاد الذي عاشه الشعب الجزائري طيلة عقود طويلة، جعلته يفتقد إلى نوع من البهجة والانفتاح مقارنة مع شعوب اخرى، كذلك يلعب الاقليم والمناخ دورا كبيرا في تقلب طبيعة الانسان واختلافها من المناطق الحارة من جهة وباردة من جهة ثانية، جعلت من المواطن الجزائري يقع فريسة لضغوطات العصر المتنوعة، نتجت عنها عدة ازمات نفسية تؤثر بدورها،على صحة المواطن وكثيرا ما يلجأ لتناول انواع مختلفة من المهدئات والمسكنات للتخفيف من الضغط الذي يعيشه، هذا ما اكده لنا بعض المواطنين حين تجولنا في شوارع العاصمة، حيث اتفق العديد منهم على الشعور بشد الأعصاب ابتداء من الاسرة والعلاقة بين الزوجين، ذهابا الى العمل وضغوطاته المختلفة مع الزملاء والرؤساء، إلى المحيط الاجتماعي المعيش، وتجد العديد من الموظفين يعانون من مشاكل صحية وحالات إرهاق مصحوبة بآلام وصداع، والحل بالنسبة اليهم هو الاقراص المهدئة او المسكنات. المحيط الاجتماعي من أسباب الضغوطات النفسية تعتبر الحياة العصرية وسط يزخر بشتى الضغوط المتنوعة منها المهنية والاجتماعية والزوجية، كلما كانت الحياة أكثر تعقيدا، وبالتالي، تزداد هذه الضغوط، عكس ما كان في القديم حيث لم تكن الأمراض منتشرة في الحياة البسيطة وغير المعقدة التي كانت تحياها اغلب الأسر والعائلات الجزائرية هذا ما أكده لنا احد احد المواطنين ل«السياسي» قائلا «إن اغلب المواطنين، خصوصا ذوي المسؤوليات الأسرية والمهنية، يعانون ضغوطات كبيرة في العمل، وما عصبية الكثيرين منهم إلا نتاج لهذه الأسباب، فنادرا ما ترى موظفا في مختلف القطاعات الا وترى في مكتبه علبا للمهدئات والأسبرين، وصرح لنا احد المواطنين أن أغلب أمراض العصر أصبحت واقعا يمس جميع شرائح المجتمع الجزائري، ويلجأ الكثيرون إلى التفكير ومحاولة إيجاد الحلول في أسرع وقت نظرا لمتطلبات الحياة والكماليات الزائدة، التي كانت في الماضي بدرجة اقل تعقيدا من وقنا الحالي، وأضحى شبابنا اليوم فريسة لأمراض الضغط والسكري نتيجة لأوضاع فرضت نفسها على الواقع الاجتماعي الحالي. الأقراص المسكنة ملجأ المواطنين يلجأ الكثير من الجزائريين للتخفيف من آلام الصداع الناتجة عن ضغوطات نفسية أو اجتماعية، لاستعمال أنواع المسكنات التي أمست وسيلة ضرورية لا يستغني عنها، هذا ما شهدته «السياسي» من خلال استطلاع لآراء المواطنين، فأكد الكثيرون أن هذه المسكنات ما هي إلا متنفس للكثير من الناس من الضغوطات التي يعيشون فيها، وأصبحت ميزة الفرد الجزائري سرعة الغضب والاستثارة لأتفه الأسباب، كما أكد لنا احد الشباب انه لا يستطيع النوم أو الارستخاء إلا بتناوله يوميا قرصا مهدئا يجعله يشعر بالاسترخاء، إتجهنا إلى العيادة الصحية العمومية لبلدية سيدي أمحمد بالعاصمة وإستطلعنا آراء المرضى هناك، حيث صرح لنا احد المواطنين أن معظم الوصفات الطبية للمرضى في الغالب تكون تحتوي على علبة مسكن أو مخففة للآلام، مما يؤثر على صحة ونفسية المواطن الذي أصبح مدمنا على هذه الأدوية وتكون آثارها في المستقبل غير محمودة العواقب، كما يعيش معظم الجزائريين حالة من عدم الرضى الاجتماعي في العديد من المجالات ابتداء من الأسرة والشعور الزائد بحجم المسؤولية العائلية، إلى الضغوطات المهنية، فغالبا لا يشعر المواطن بالرضى، نتيجة عدم توافق عائده المادي مع حجم الجهد المبذول، ونتيجة لعدم انسجامه مع ظروف عمله أو مع تخصصه، وكثيرا ما تلعب المعاملة القاسية من الرؤساء لعدم تقديرهم لمجهود العامل في أنواع من الضغوطات تسبّب حالة من الإرهاق النفسي أو الجسدي، فتدفع بهم للجوء إلى المهدئات ومسكنات الألم كمتنفس لهم للتخفيف عن حالة عدم التوازن الاجتماعي المعيش. علب الأسبرين والبراسيتامول.. الأكثر شعبية في الصيدليات نسبة كبيرة من الجزائريين تلجأ إلى تناول واستهلاك أقراص وأدوية مسكنة لآلام الرأس، حيث يقتنيها هؤلاء من الصيدليات خاصة وأنها لا تتطلب وصفة طبية، كما أن أسعارها منخفضة، ولهذا، عمدت «السياسي» إلى التقصي عن الأمر وكانت وجهتنا عدة صيدليات من العاصمة، حيث أكد لنا مجموعة من صيادلة العاصمة، أن الإقبال الكبير على هذه المادة شجّع الكثير من المؤسسات المحلية والوطنية على إنتاجها، وبالتالي، فهي مستهلكة من طرف ملايين الجزائريين بمجرد تعرضهم لألم خفيف، كما صرح لنا صيدلي بأن هناك أنواعا من البراسيتامول ذات التركيز والفعالية الشديدة «حيث ننصح دائما زبائننا بالتقليل من استعمالها، وفي الكثير من الأحيان، نحاول تغيير نوعية الدواء ونقدمه للزبون على أساس انه ذو مفعول مشترك»، وقد برر لنا صيدلي آخر ذلك بأن التداوي الذاتي لمثل هذه الأقراص المسكنة بدون استشارة طبية، يؤدي إلى مضاعفات لا يحمد عقباها، خصوصا أنها تؤثر مباشرة على جهاز المناعة للإنسان بحيث لا يستطيع أن يقاوم أي ألم «لذلك، ننصح المواطنين بعدم الإفراط الشديد في تناولها او استعمال مسكنات اقل تركيز». الدكتور صبايحي أخصائي في التخدير والإنعاش يؤكد ل«السياسي»: «الإفراط في المسكنات يحطّم جهاز المناعة» أكد الدكتور صبايحي جمال الدين، أخصائي في التخدير والإنعاش في تصريح ل«السياسي»، بأن الضغط النفسي والاجتماعي الممارس على المواطن الجزائري يكون في الغالب من الأسباب المباشرة لانعكاسها على الصحة وقدرات الشخص البدنية، ما يجعل العديد من الفئات الاجتماعية تلجأ إلى الأدوية للتخفيف من الآلام المتعددة، كما بين الدكتور صبايحي أن هناك خلطا في المفاهيم ما بين المسكنات والمهدئات، خصوصا وأن هناك أمراضا نفسية تستوجب على الاخصائيين وصف نوع من الأدوية المهدئة بالنسبة لتلك الحالات، التي تتكون اغلبها من مادة المورفين المستخرجة من المخدرات، وتجعل الكثير من المرضى يقعون فريسة الإدمان على هذه الأدوية ونصح الدكتور المرضى لاستشارة أخصائيين نفسانيين للتعويض عن تناول مثل هذه المواد الكيماوية، ويلعب أيضا علماء الاجتماع دورا كبيرا في تحليل أسباب الظاهرة وإيجاد حلول جذرية لها، أما بالنسبة لمادة البراسيتامول، وضّح الدكتور انه مادة مسكنة وخافضة للحرارة بالدرجة الأولى مستخرجة من مواد طبيعية، وليس له أعراضا جانبية أو مسرطنة محذّرا من أن الخطر يكمن في الإفراط في تناول هذه المواد فترة زمنية مما يؤدي للتأثير على وظائف الكبد والكلى، خاصة اذا كان المريض مصابا بحساسية تجاه هذه المواد، وأيضا يمكنه أن يؤثر على الجهاز التنفسي للإنسان ويصبح عبر الزمن مدمنا عليه، أما بالنسبة لآلام الرأس الناتجة عن الصداع، فلا يتم التخلص منها عبر هذه المسكنات، لان لها عدة أسباب كضعف البصر ومشاكل في الأنف والحنجرة، وحالات الضغط الدموي والسكري وغيرها التي قد يكون الصداع مؤشرا في حدوثها، ولابد من استشارة الطبيب في حال تكررت الحالة، كاشفا أن استعمال الأدوية المركبة التي تكون لها تفاعلات كيماوية تهدد صحة المواطن، كما دعا المواطنين إلى ممارسة الرياضة والأكل المنتظم السليم، وتجنّب الضغوط النفسية التي أصبحت، على حد قوله، واقعا معيشا في المجتمع الجزائري.