تساءل العديد عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تراجع نسبة النجاح في امتحان شهادة البكالوريا مقارنة بالسنوات الماضية، رغم إجماع الأساتذة ونقابات التربية الوطنية وحتى التلاميذ على سهولة الأسئلة، حيث أرجعت هذه الأخيرة السبب إلى تكوين الأساتذة واعتماد الوصاية على نموذج حاملي الشهادات في التوظيف وليس التكوين المتخصص. وكان عدد من نقابات التربية المستقلة، قد توقعت أن تكون نسبة النجاح في امتحان شهادة البكالوريا لهذه الدورة، نفسها المحقّقة في السنة الماضية، أو أقل منها، حيث أوضحت النقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني سنابست ، أن الإحصائيات الأولية التي قامت بها قبل الإعلان عن نتائج شهادة البكالوريا مع نهاية الأسبوع المنصرم في مراكز التصحيح أظهرت أن التلاميذ تحصلوا على نتائج جيّدة في المواد الثانوية مقارنة بالمواد الأساسية، مضيفة أن نسبة النجاح على المستوى الوطني والتي بلغت 47 بالمائة هي أحسن مقارنة بالنسبة المسجلة العام المنصرم، إلا أن هذا يدعو إلى ضرورة معرفة الخلل الذي تسبّب في هذه النتيجة، مبرزة ذلك بمثال أنه في فرنسا خلال العام المنصرم كانت نسبة النجاح في شهادة البكالوريا 82 بالمائة وبالرغم من هذا، المختصون هناك يبحثون عن السبب، وعليه، يجب على القائمين والمشرفين على قطاع التربية في الجزائر العمل على هذا النحو. وأرجعت السناباست ، أنه من بين أهم أسباب ضعف نتائج البكالوريا غياب تكوين الأساتذة خصوصا وأن القطاع في هذه الفترة سيكون على موعد مع توظيف 23 ألف أستاذ دون تلقيهم تكوينا بسيكوبيداغوجيا، موضحة أن الشهادات الجامعية لا تكفي للتوجه إلى التدريس، مشيرة إلى أن المهنة تحتاج إلى تكوين علمي وعملي دقيق وهذا ما يجب التركيز عليه، مطالبة بإعادة فتح المعاهد المتخصصة في تكوين الأساتذة للرفع من مستوى التكوين لديهم، معتبرة أن المدارس العليا لا تلبي احتياجات التكوين سوى ب10 بالمائة فقط وهذا ضعيف جدا مقارنة مع ما يحدث في الميدان. من جهته، أكد مسعود عمراوي، مكلف بالإعلام بالاتحاد العام للتربية والتكوين اينباف ل السياسي ، أن هذا الأخير كان يتوقع أن تكون نسبة النجاح في البكالوريا لا تتعدى ال45 بالمائة، رغم أن الأسئلة كانت سهلة وفي متناول التلميذ المتوسط، مشيرا إلى أن هذه النتيجة تدل على المستوى الحقيقي للتلميذ. وحمّل عمراوي المسؤولية لوزارة التربية، لعدم اهتمامها بتكوين الأساتذة، موضحا أنها أصبحت تعتمد في التوظيف على نموذج الجامعات مع غلقها لمعاهد التكوين التكنولوجية، وليس على التكوين المتخصص كما كانت في السابق، مضيفا أن الحائزين على الشهادات يفتقرون إلى التجربة، مؤكدا أنه قد آن الأوان لتقييم شامل وموضوعي لإصلاحات المنظومة التربوية. في سياق ذي صلة، انقسمت آراء العديد من الطلبة الذين اجتازوا امتحان شهادة البكالوريا دورة جوان 2014 والتي أفرزت عن تفوق 220 ألف ناجح متمدرس على المستوى الوطني، ورسوب حوالي 247 ألف آخرين، بين مطالبة البعض بإعادة عملية تصحيح أوراق البكالوريا، مشيرين إلى أن النقاط التي تحصلوا عليها لا تتماشى مع أجوبتهم، وإدراج دورة استدراكية، فيما يرى البعض الآخر أن البكالوريا هذا الموسم تدل على المستوى الحقيقي للتلاميذ.