وُلِد صلى الله عليه وسلم يتيمًا يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلةً خلَت من شهر ربيع الأول من عام الفيل، ثم اكتمَل يُتمه بموت أُمه وهو في السادسة من عمره: قال ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة بنت وهب وجده عبد المطلب بن هاشم في كلاءة الله وحفظه، يُنبته الله نباتًا حسنًا لما يريد به من كرامته، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين، تُوفِّيت أمه آمنة بنت وهب؛ قال ابن إسحاق: حدثني عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة توفِّيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة، كانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار تُزيره إياهم، فماتت وهي راجعة به إلى مكة. فكفَله جدُّه عبد المطلب، وأحسن إليه، ثَم لم يلبث عبد المطلب أن مات والنبي عليه الصلاة والسلام في الثامنة من عمره، ليزداد حزنًا على حزنه، بأبي هو وأمي صلوات ربي وسلامه عليه. قال ابن إسحاق: حدثني العباس بن عبدالله بن معبد بن العباس عن بعض أهله أن عبدالمطلب توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثماني سنين، فكان رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد عبد المطلب مع عمه أبي طالب، وكان عبدالمطلب -فيما يزعمون- يوصي به عمه أبا طالب؛ وذلك لأن عبد الله أبا رسول الله وأبا طالب أخوان لأب وأُم. معاداة قريش له بعد الجهر بالدعوة 1- في الصحيحين من حديث ابن عباس قال: لَما نزلت: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء: 214)، ورهطك منهم المخلصين، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا، فهتف: يا صباحاه، فقالوا: من هذا، فاجتمعوا إليه، فقال: أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلًا تخرج من سفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبًا، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، قال أبو لهب: تبًّا لك ما جمعتنا إلا لهذا، ثم قام، فنزلت: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (المسد: 1).