تواصل جريدة المشوار السياسي سلسلة ملفات كي لا تنسى الأجيال ، حيث تسلط الضوء في هذا العدد على إنجازات القطاع الفلاحي، نظرا لدوره الإستراتيجي حيث أولت الدولة أهمية كبيرة خلال السنوات الفارطة لقطاع الفلاحة، من خلال خطط وسياسات وإجراءات مكثّفة ترمي كلها لتعزيز الأمن الغذائي، والدفع بالقطاع للعب دوره المنوط به في الاقتصاد الوطني، وذلك ضمن خطط جديدة حملتها برامج رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، للنهوض بالقطاع يمكن أن توصف ب الثورة الفلاحية باعتبار أنها فتحت آفاقا جديدة للقطاع الفلاحي في الجزائر، ومكّنت من دفع الشباب نحو الاستثمار الفلاحي من خلال قروض من دون فوائد ومسح الديون وامتيازات عقود النجاعة وحاليا يركّز المخطط الخماسي على أولوية توسيع المساحات المسقية ومضاعفة الإنتاج وإعداد برنامج طموح للصناعة التحويلية للمنتوجات الفلاحية. منح أراض فلاحية للشباب.. لدفع الاستثمار الفلاحي قرر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، منح مليون هكتار من الأراضي الفلاحية للشباب سنة 2015 في إطار الاستثمار الفلاحي، وذلك لمضاعفة المحيطات الفلاحية على المستوى الوطني، لتصل بذلك المساحة المزروعة على المستوى الوطني إلى مليونين و366 ألف هكتار، موزعة عبر 48 ولاية، ويأتي ذلك استكمالا لبرنامجه الرامي لدفع الشباب نحو الاستثمار الفلاحي، ويعود الواقع الذي أصبح عليه قطاع الفلاحة إلى سياسة التجديد الفلاحي التي بادرت على تفعيلها الدولة خلال السنوات الماضية، والتي بدأت تعطي ثمارها، ويبرز ذلك جليا من خلال النتائج المتحصل عليها في مختلف الشعب والفروع الإنتاجية والتي مكّنت من رفع قيمة الإنتاج الفلاحي من 1000 مليار دينار عام 2010 إلى ألفين و767 مليار دينار السنة الماضية، أي ما يعادل ال35 مليار دولار، حيث يرتكز برنامج رئيس الجمهورية في قطاع الفلاحة على تنمية مستدامة للإنتاج الفلاحي، وهو ما يترجم قرار رئيس الجمهورية برفع المساحات المسقية للأراضي الفلاحية من مليون و136 ألف هكتار إلى مليوني هكتار في آفاق 2019. هذا ما قدّمته سياسة التجديد الفلاحي والريفي لقد كان المخطط الوطني للتنمية الفلاحية، الذي أقرته الدولة عام 2000 للنهوض بقطاع الفلاحة، أساس الإصلاح الزراعي حيث تضمن 9 برامج فلاحية تنموية من أهمها برامج تكثيف أنظمة الإنتاج، تكثيف الإنتاج وتحسين الإنتاجية، تثمين الإنتاج الفلاحي ودعم الاستثمار على مستوى المستثمرات الفلاحية، وعرف هذا المخطط بالدعم المالي الكبير للفلاحين من طرف الدولة. وكان لابد من تدعيم نتائج هذا المخطط لاسيما من حيث التنظيم والانتشار والفعالية، فكان خطاب رئيس الدولة، عبد العزيز بوتفليقة، لدى افتتاحه للندوة الوطنية حول التجديد الفلاحي والريفي ببسكرة يوم 28 فيفري 2009، بمثابة خارطة الطريق نحو تثمين نتائج الإصلاح الزراعي في الميدان. وفي هذا المجال، دعا رئيس الجمهورية الحكومة إلى إعادة تأهيل قدرات الإدارة القائمة على الفلاحة ومناهج عملها، بغية مرافقة التجديد الفلاحي، وأوصاها باتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل إعادة تأهيل المؤسسات العمومية العاملة في إنتاج العتاد والتجهيزات الموجهة للفلاحة، وكذا اتخاذ الإجراءات الضرورية لاسترجاع القدرات العمومية غير المستعملة في مجال التخزين والتبريد ومخازن القمح وإعادة تأهيل كافة الوسائل ورصدها لضبط الإنتاج الفلاحي. وشدّد رئيس الدولة، في هذه المرحلة الحاسمة من مسار الإصلاح الزراعي، على ضرورة استدراك النقائص المسجلة على تطبيق المخطط الوطني للتنمية الفلاحية، لاسيما عندما ذكر بأن الدولة خصصت 200 مليار دج، أو ما يعادل 3 ملايير دولار كتضحية للنهوض بهذا القطاع الحيوي في حياة الأمة، مؤكدا على أن كسب هذا الرهان يعني الحفاظ على الاستقلال الوطني الذي يستلزم، كما قال، ضمان الأمن الغذائي لشعبنا. وكان من تطبيقات الحكومة لتعليمات وتوصيات رئيس الدولة، إبرام عقود النجاعة لتجديد الاقتصاد الفلاحي والريفي (2009 - 2014) والتي كان الهدف منها بلوغ متوسط نمو سنوي قدره 8 بالمائة في القطاع بعد أن كانت في السنوات الماضية تقارب ال6 بالمائة، وأدت سياسة التجديد الريفي الى تسطير 12 ألف مشروع جواري إلى غاية 2010 في إطار التنمية الريفية المندمجة، سمحت خلال عشر سنوات بتوفير 1 مليون منصب شغل بين قار وغير دائم ويستفيد من إنتاجها 7 ملايين نسمة. وبعد سنة من تطبيق عقود النجاعة هذه، جاءت النتائج مشجعة بالفروع الإستراتيجية، حيث سجل فرع الحبوب رقما قياسيا من خلال إنتاج 1,6 ملايين طن (5,61 مليون قنطار)، وفاق عبر ال46 ولاية النتائج المحدّدة في عقود النجاعة (5,29 مليون قنطار) ومردودية متوسطة (3,25 قنطار في الهكتار الواحد)، وسجل فرع الحليب 5,2 مليار لتر، بينما حقق فرع التمور 2,6 ملايين قنطار. مسح ديون الفلاحين منح فرصة جديدة للمنتجين الصغار ولمنح فرصة جديدة للمنتجين الصغار ذوي الحاجة الماسة، قررت الدولة مسح مجمل ديون الفلاحين والمربين والمقدرة حاليا ب41 مليار دينار جزائري، حيث حظي القطاع ببرامج دعم معدة بما في ذلك لفائدة المربين والتنمية الريفية من خلال إجراءات تدعيمية بالإعفاء والتخفيضات الجبائية فيما يتعلق بالأسمدة، البذور، العلف ومنتجات الصحة النباتية، إعادة تعزيز وتزويد قطاع الفلاحة بالآلات باللجوء إلى القروض، منح قروض ريفية من دون فائدة، تحسين مداخيل الفلاحين من خلال تنظيم التوزيع، تحسين التأطير بقطاع الفلاحة بجعل هذا الأخير يستفيد من مناصب الشغل المدعومة من خلال مختلف الأحكام في هذا المجال، تشجيع الاستثمار في هذا القطاع من خلال توضيح الإطار القضائي ذو الصلة باستغلال الأراضي الفلاحية العمومية، ويتم ذلك على شكل تنازلات. وقد تم التركيز، خلال 16 سنة الأخيرة، على تجديد مستغلي قطاع الفلاحة وتعزيز إمكاناتهم التقنية من خلال إضفاء طابع الديناميكية على التكوين، البحث والتعميم، عصرنة الإدارة الفلاحية وتعزيز المؤسسات العمومية المعنية من إدارة الغابات، الخدمات البيطرية، خدمات الصحة النباتية. قرض الرفيق .. تشجيع لنمو النشاط الفلاحي وفي إطار تشجيع النشاط الفلاحي، انتهجت السلطات العمومية سياسة قرض الرفيق حيث وزع 5263 قرض، بقيمة 2,8 مليار دج مع بداية عام 2009، فقط وهي الفترة التي بلغ فيها عدد المزارع الخاصة 600 ألف مزرعة من إجمالي 1,1 مليون مزرعة على المستوى الوطني، وبإقرار بنك الفلاحة والتنمية الريفية، آليات مهمة لضمان شراء المحاصيل من الفلاحين بدفع مستحقاتهم في ظرف لا يتعدى ال72 ساعة، دخل الفلاحون في ديناميكية التجديد الفلاحي والريفي وحققت المحاصيل الزراعية من خضر وفواكه وإنتاج الدواجن وتربية المواشي نتائج لم تتحقق منذ سنوات عدة، مما أدى إلى ضرورة تخصيص مبالغ هامة لبناء فضاءات تخزين جديدة. وقد سطّر لقطاع الفلاحة، في إطار سياسة التجديد الفلاحي والريفي، إنجاز 10.000 مشروع جواري تنموي ريفي مدمج يخص 8.700 ضاحية لفائدة 2،1 مليون أسرة ريفية أي ما يقارب ال7 مليون شخص، حيث يتم العمل على تحقيق هذه الأهداف من إرفاقها بمجهودات تتعلق بإنجاز السكنات والطرق الريفية، علاوة على تجنيد الموارد المائية التي تسمح للفلاحين بتحسين ظروف استغلال أراضيهم وولوج الأسواق، وذلك في إطار ضمان تحسين استقرار سكان الريف بهدف تحسين الإنتاج الفلاحي. توسيع المساحات المسقية ومضاعفة الإنتاج.. أولوية الخماسي الحالي وبخصوص المخطط الخماسي الحالي، فإن التركيز سيكون على إعادة النظر في سياسة التجديد الفلاحي والريفي التي حققت النتائج المرجوة منها في الميدان، حيث سيمكّن المخطط الحالي الممتد من 2015 إلى 2019 من الارتقاء بالفلاحة إلى مستوى محترم من الحداثة والعصرنة، حيث أن الخطة المتبعة في الوقت الراهن تعطي الأولية لتوسيع المساحات المسقية ومضاعفة إنتاج الحبوب والبقول الجافة، مع إيلاء أهمية كبيرة لتربية الأبقار لإنتاج اللحوم الحمراء وللرفع من إنتاج في الحليب. كما أنه من بين أولويات المخطط القادم، إعداد برنامج طموح للصناعة التحويلية للمنتوجات الفلاحية التي ستمكّن من إعطاء قيمة مضافة لهذه المواد المنتجة، مع التركيز على الاستفادة من الخبرات الأجنبية خاصة ما يتعلق منها بتحسين نوعية المنتوج. دعم المكننة وتعويض نقص اليد العاملة.. التحدي المقبل وقررت الدولة رفع دعمها للمكننة الفلاحية خلال الخماسي الحالي بتوسيعه الى اقتناء تجهيزات فلاحية جديدة، وذلك تلبية لمتطلبات القطاع الفلاحي في هذا المجال وتعويض النقص الفادح في اليد العاملة. وستقوم الدولة، خلال الخماسي القادم (2015 -2019)، بتطوير ودعم المكننة المتخصصة مثل الجرارات ووسائل المرافقة وآلات الغرس والقطف والرشاشات وآلات الحصاد، حسب ملف أعدته الوزارة عشية الاحتفال باليوم العالمي للتغذية. وأوضح نفس المصدر ان تطوير المكننة أصبح ضروريا لتغطية العجز الموجود في اليد العاملة والاستجابة لمتطلبات الفلاحة العصرية. ويؤكد نفس المصدر ان عصرنة المستثمرات الفلاحية تعتبر خيارا إستراتيجيا وشرطا أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة في القطاع الفلاحي، لتمكينه من رفع تحدي الأمن الغذائي والمساهمة في نمو الاقتصاد الوطني. ولرفع الإنتاج، يجب على الجزائر ان تخرج قطاعها الزراعي من التبعية للأمطار وذلك بتطوير السقي التكميلي. وحسب وزارة الفلاحة، فإن الجزائر تريد الوصول الى مليوني هكتار من الأراضي الزراعية المسقية في آفاق 2019 مقابل مليون و100.000 هكتار حاليا، وتسعى الى رفع المساحة المسقية في شعبة الحبوب الى 600.000 مقابل 200.000 في الوقت الحالي.